عليه من زمن النبي ﷺ إلى اليوم. ا. هـ. يعني أيامه عليه الرحمة.
وقال ابنه التاج في "معيد النعم": ولقد رأينا منهم -يعني من المسيطرين- من يعمر الجوامع ظانًّا أن ذلك من أعظم القرب فينبغي أن يفهم مثل هذا المسيطر أن إقامة جمعتين في بلد لا يجوز إلا لضرورة عند الشافعي وأكثر العلماء، فإن قال: قد جوزها قوم قلنا له: إذا فعلت ما هو واجب عليك عند الكل فذاك الوقت افعل الجائز عند البعض، وأما إنك ترتكب ما نهى الله عنه وتترك ما أمر به ثم تريد أن تعمر الجوامع بأموال غيرك ليقال هذا جامع فلان فالله لا يتقبله وأن الله تعالى لا يقبل إلا طيبًا. ا. هـ.
وبالجملة فيوجد في دمشق الآن من المساجد التي لم تبن للجمعة وتقام الآن فيها ما لا يحصى، وكل هذه المساجد الصغار يستغنى عنها بكبار ما جاورا إذا سعي إليها، ولكن هو الكسل والذهول عن أصل السنة. وقد رأيت خطر التعدد بلا حاجة، فالذي أراه في الخروج من عهدة هذه الحالة أن يترك التجميع في كل مسجد صغير -سواء كان بين البيوت أو في الشوارع- وفي كل مسجد كبير أيضًا يستغنى عنه بغيره وأن ينضم كل أهل محلة كبرى إلى جامعها الأكبر، ولتفرض كل محلة كبرى كقرية على حدة فيستغنى بذلك على كثير من زوائد المساجد ويظهر الشعار في تلك الجوامع الجامعة في أبدع حال فيخرج من عهدة التعدد. وهذا هو حقيقة ما رآه قدماء الشافعية وسر ما يرمي إليه من وافقهم والله الموفق١.
_________
١ قال المؤلف: ثم بعد كتابتي لما تقدم بأكثر من عام كنت أطالع في الإقناع -من كتب الحنابلة- في فروع الجمعة فرايت فيه موافقة لما ذهبت إليه وعبارته: "ويجوز إقامتها في أكثر من موضع من البلد لحاجة" كضيق مسجد البلد عن أهله "وخوف فتنة" بأن يكون بين أهل البلد عداوة فيخشى إثارة الفتنة باجتماعهم في مسجد واحد، "وبعد" للجامع عن طائفة من البلد. "ونحوه" كسعة البلد وتباعد أقطاره "فتصح" الجمعة "السابقة واللاحقة" لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعًا قال الطحاوي وهو الصحيح من مذهبنا. وأما كونه ﷺ لم يقمها هو ولا أحد من الصحابة في أكثر من موضع فلعدم الحاجة إليه ولأن الصحابة كانوا يؤثرون سماع خطبته وشهود جمعته وإن بعدت منازلهم لأنه المبلغ عن الله تعالى "وكذا العيد" تجوز إقامتها في أكثر من موضع من البلد للحاجة لما سبق "فإن حصل الغنى بجمعتين اثنتين لم تجز" الجمعة "الثالثة" لعدم الحاجة إليها "وكذا ما زاد. ويحرم" إقامة الجمعة بأكثر من موضع من البلد "لغير حاجة" قال في "المبدع" لا نعلم فيه خلافًا إلا من عطاء. ا. هـ.
1 / 62