٩- مفاسد الإقرار على البدع:
من الغيرة لله ولرسوله ولدينه تعطيل ما ألصق بالدين وليس منه وهجره وإطراحه واستقباحه وتنفير الناس عنه. إذا يلزم من الموافقة عليه مفاسد:
الأولى: اعتماد العوام على صحته أو حسنه.
الثانية: إضلال الناس به وإعانة لهم على الباطل وإغراء به.
الثالثة: في فعل العالم ذلك تسبب إلى أن تكذب العامة على رسول الله ﷺ فتقول: هذه سنة من السنن. والتسبب إلى الكذب على رسول الله ﷺ لا يجوز لأنه يورط العامة في عهدة قوله ﷺ: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" ١.
الرابعة: أن الرجل العالم المقتدى به والمرموق بعين الصلاح إذا فعلها كان موهمًا أنها من السنن فيكون كاذبًا على رسول الله ﷺ بلسان الحال، ولسان الحال قد يقوم مقام لسان المقال، وأكثر ما أُتي الناس في البدع بهذا السبب، يظن في شخص أنه من أهل العلم والتقوى وليس هو في نفس الأمر كذلك فيرمقون أقواله وأفعاله فيتبعونه في ذلك فتفسد أمورهم.
وفي الحديث عن ثوبان ﵁ أن النبي ﷺ قال: "إن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين" أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه. وفي الصحيح أن النبي ﷺ قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخد الناس رءوسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" ٢. قال الإمام الطرطوشي فتدبروا هذا الحديث
_________
١ حديث صحيح متواتر. وللطبراني فيه جزء لطيف، جمع فيه طرقه، وهو محفوظ في مخطوطات ظاهرية دمشق.
٢ أخرجه الشيخان، والمصنف ساقه بالمعنى، فإنه مغاير لسياقهما في بعض الألفاظ.
1 / 19