اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیر سجستانی d. 330 AH
34

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

ژانرها

اللطيف الخبير : ومن صفاته اللطيف ؛ لأنه لطف في صنعته لرأفته ، فلم يدع شيئا من لطيف صنع إلا خلقه بحكمته ؛ رفقا بعباده، وعلما بما يصلحهم ، واللطف في معنى الرفق والعلم بالشيء ، يقال : فلان لطيف الكف ، أي رفيق بعمله ، عالم به ، حسن التأتي له ، ويقال : ألطف لفلان في هذا الأمر : إذا أمره أن يتأتى له من وجه يخلص إلى بغيته منه ، فالله تعالى لطف للخلائق كلهم حتى وصلوا إلى ما يصلحهم بلطفه ، والخبير العالم بالشيء ، يقال : فلان يخبر هذا الأمر ، أي يعلمه ، فالله تعالى خبير بالأشياء ، لا يخفى عليه منها شيء ، جل اللطيف الخبير 0 الجليل العلي العظيم المتعالي : تبارك وتعالى جده ، وإنما قيل جليل عظيم ؛ لأنه خلق الخلق الجليل العظيم ، فاستدللنا عليه بهذا الخلق العظيم ، وإن كان جليلا عظيما فإن الحواس قد أحاطت به / والمشاعر قد حوته ، فالخالق جل عن 22 ب أن تحيط به الحواس ، أو تبلغه المشاعر ، أو تدركه الأوهام ، أو تبلغه الخطرات ، وتعالى عن ذلك ، يعجز المخلوقون عن دركه بوجه من الوجوه ، واعترفوا بالعجز على أنفسهم ؛ لأنهم لا يقدرون على حيلة ، ولا تبلغ قوتهم درك كيفيته ، ففزعوا إلى أسمائه ، والتجأوا إلى صفاته ، وأقروا أنهم لا يدركون ذاته ؛ لتعاليه ، فاستعانوا باسمه ، ثم وصفوه بالجلال والتعالي والعظمة ، فقالوا: لا حول لنا ولا قوة على درك معرفته إلا باسمه ، والالتجاء إليه ، وإلى صفاته باسمه الله ، وصفاته الجليل ، العظيم ، العلي ، المتعالي ، فقالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والجلالة هي العظمة ، فكأن الخلق لما عرفوا جلاله وعظمته ، ولم يقدروا على بلوغ صفته ، واعترفوا بالعجز تذللوا بالخضوع ، فقالوا : يا ذا الجلال والعظمة ، والعلي من العلو ، وقال أهل اللغة : تبارك تفاعل من البركة ، وتعالى من العلو ، ويجوز متعالي ، ولا يجوز متبارك ، فقيل له تعالى : تبارك ؛ لأنه خلق الخلق كله ، وبارك فيه ، وقدر لكل قوته ، ولم يبخس شيئا حظه ، فمنه ظهرت البركة ، وقولهم : تعالى جدك ، قال أهل اللغة : الجد : عظمة الله ، من قوله : [جد ربنا] والجد بالكسر الاجتهاد ، وانكر قوم في الدعاء تعالى جدك ، وقالوا : الذي في القرآن حكاية عن الجن، وأجازه آخرون ، وذكروا بأنه مدح الجن ، وذكروا أنهم أثنوا ، وذهبوا به إلى معنى العظمة ، ومنه الحديث (¬1) :

صفحه ۶۶