عليه إحداث شرع، ولأنه كذب على الله في الحقيقة؛ إذ هو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى] (^١).
المسألة الثانية:
روينا في شرح صحيح مسلم (^٢): أن من كذب عليه ﷺ عمدًا في حديث واحد فُسِّقَ ورُدَّت [روايته] (^٣) كلها، وبطل الاحتجاج بجميعها، (٧/أ) فلو تاب وحَسُنت توبته فقد قال جماعة من العلماء منهم: أحمد بن حنبل، وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري وصاحب الشافعي، وأبو بكر الصيرفي من فقهاء أصحاب الشافعي، وأصحاب الوجوه منهم ومتقدميهم في الأصول والفروع: لا تؤثر توبته في ذلك، ولا تقبل روايته أبدًا، بل يحتم جرحه دائمًا. وأطلق الصيرفي وقال: كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذبٍ وجدناه [عليه] (^٤)، لم نعد لقبوله بتوبتةٍ [تظهر] (^٥)، ومن ضعفَّنا نقله لم نجعله قويًا بعد ذلك، وقال: ذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة. ولم أرَ دليلًا لمذهب هؤلاء، ويجوز أن يوجّه بأن ذلك تغليظ وزجر بليغ عن الكذب عليه ﷺ لعظم مفسدته؛ فإنه يصير شرعا مستمرًا إلي يوم القيامة، بخلاف الكذب على غيره والشهادة، فإن مفسدتهما قاصره ليست عامة.
قلت: والذي ذكر هؤلاء الأئمة ضعيف مخالف للقواعد الشرعية، والمختار: القطع بصحة توبته في هذا، وقبول رواياته بعدها إذا صحت توبته بشروطها المعروفة،