ومن كلام الحسن -عليه السلام-: أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس..، وفي هذا الكلام إشارة إلى أنها توقيفية كما أشار إليه والده -عليه السلام- من قبل.
واعلم أن الكلام في ذات الله تعالى على جهة المعرفة
التفصيلية، أو على وجه الإحاطة على حد علمه ممالا تدركه عقولنا، قال القاسم -عليه السلام-: وقد قال الله تعالى: {ولا يحيطون به علما}[طه :110] {ليس كمثله شيء}[الشورى:11] وهذا مذهب علي -عليه السلام- حيث قال في امتناع معرفته على العقول: (لم تحط به الأوهام أي العقول بل تجلى لها بها وإليها حاكمها) ومعناه امتنع من العقول بمعرفة العقول بعجزها عن إدراكه والإحاطة به، وإليها حاكمها: أي جعلها محكمة في ذلك؛ لأنه نزلها منزلة الخصم المدعي، والخصم لا يحكم إلا حيث يصح.
(المسألة السابعة)
وهي الأولى من مسائل النفي، ومسائل النفي ثمان، لكن أربع منها داخل فيما سبق، وهي: أنه تعالى ليس بعاجز ولا جاهل ولا ميت ولا معدوم ولا محتاج ولا مشبه للمحدثات ولا مرئي ولا ثاني له، فالأربع الأول قد تقررت بإثبات القادرية والعالمية والوجودية له تعالى وأنها واجبة في حقه تعالى فإنه يستحيل ثبوت أضدادها مع ثبوتها ووجوبها.
وأما الأربع الأخر فهذا موضع الكلام عليها، ولا خلاف بين المتكلمين في تأخير مسألة نفي الثاني؛ إذ هي كلام في أنه لا ثاني له يشاركه في صفاته الإثباتية والنفيية، ومالم تعين من المسائل لا يحسن الكلام على نفي المشاركة فيها؛ إذ لا يعلم نفي المشاركة في أمر إلا بعد العلم به.
وأما مسألة نفي الرؤية فيحسن تأخيرها عن الأولتين؛ لأنها كلام في نفي صفة له مع غيره، إذ مضمونها أنه تعالى لا يرى، وأن غيره لا يراه بخلافهما فإنهما كلام في نفي صفة يختص نفيها بذاته تعالى.
صفحه ۳۸