وفي حديث النبي قال في آخر كلام: (وسيليكم أمراء إن استرحموا لم يرحموا، وإن حكموا لم يعدلوا، وإن سئلوا الحقوق لم يعطوا، وإن أمروا بالمعروف أنكروا، حتى لا يحملوكم على أمر إلا احتملتموه طوعا أو كرها، فأدنى الحق لله عز وجل على العباد في ذلك الزمان أن لا يأخذوا منهم العطاء، ولا يحضروا في الملاء.( (4) قال بعض الصالحين: وقد كثر في زماننا هذا الأخذ من الظلمة، وجرت العادة به لغير ضرورة ولا صلاح دين وكنت أدركت الإنكار على آخذيه، إلى أن استمر وكثر ومال من يعرف بالزهد إلى الأمراء والسلاطين والظلمة، وحينئذ انطمس الإنكار فيه رأسا، فلا أعلم زاجرا عنه، وربما كان ولا أعلم) وهكذا المعاصي متى اعتيدت ولهج بإظهارها سهلت على القلوب، وخف الوزر في قبحها على النفوس، فنسأل الله أن يجبل قلوبنا بهدايته ويحملها على طاعته، وإن يثبتنا على الاستمرار على مرضاته، وإن يحمينا عن اللهج بمعصيته والاعتياد بإغضابه، فلا ملجا لناإلا إلى رحمته فنسأله بحقه وبحق أوليائه أن يؤمننا من عقوبته.
واحفظ يدك أن تكتب بها ما لا يحل لك فإن القلم أحد اللسانين، وعلى الجملة ما حفظت منه اللسان فاحفظ منه القلم والبنان.
الآفة الرابعة
استعمال اليد في اللهو واللعب نحو اللعب بالنرد، واستعمال العيدان، فإن هذه أمور محظورة مستخفة، وصاحبها ساقط المنزلة عند الله تعالى وعند خلقه، وأمرها أظهر من أن يخفى.
وفي حديث النبي (من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه) (1).
الآفة الخامسة
أن تلمس بيدك من عورات الناس ما لا يجوز لك فأن هذه كبيرة عظيمة، وصاحبها ملوم محسور، وكذلك إذا استمتعت بيدك استمتاعا مما لا يجوز لك.
وفي الحديث (وإن قوما يحشرون وبطون أيديهم كبطون الحوامل)(2).
وروي (لعن الله ناكح اليد وناكح البهيمة)(3) فإن هذه كبيرة عظيمة، وصاحبها ملوم محسور.
وفي الحديث (العينان تزنيان واليدان تزنيان ويصدق ذلك ويكذبه الفرج)(4)
صفحه ۵۷