وفي الحديث عن النبي أنه قال: (الإتقاء على العمل أشد من العمل، إن الرجل ليعمل العمل فيكتب له عمل صالح معمول السر يتضاعف له أجره سبعين ضعفا، فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ويعلنه، فيكتب علانية ويمحى أجره، ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس الثانية، ويحب أن يذكروه ويحمدوه فيمحى من العلانية ويكتب رياء وسمعة، ويمحى تضعيف أجره كله) (1) فاتقى الله عبد صان دينه فإن الرياء شرك، ولا يحملنك على الإعلان به والإخبار طلب الإقتداء فإن ذلك حسن إذا خلص إلا ان الشأن في خلوصه عسير، فيكفيك في الدعاء إلى الإقتداء بغيرك فإن للأنبياء المرسلين والأئمة والصالحين عليهم سلام رب العالمين أعلى منك وأجل، فاجعلهم للخلق عمدة في الإقتداء كما قد جعلهم كذلك العلى الأعلى، فإن ذلك أسلم لدينك، وأحوط في نجاتك، إلا ان تعلم به من تستدعيه من الجفاة والطغام العوام، فربما انه لا يفسد عند ذلك متى قصدت معه التعليم والإقتداء، فربما وقع الإقتداء بالمشاهدة، وإن كان ضعيف المنزلة، ولا يقع بالغائب وإن كان جليل المنزلة والقدر كالأنبياء والرسل سلام الله عليهم، فإن العامي قليل اللهج بالدين، فمتى رأى رجلا يبكي من خشية الله تعالى، ويداوم على ذلك فربما أثر في قلبه، ولا يؤثر مثل ذلك ما قد سمعه من الأنبياء عليهم السلام.
الآفة الثالثة عشرة: الأيمان الفاجرة
وهذه وإن دخلت في باب الكذب فإنما أفردناها قوة لك لتتذكر ولا تغفل عنها، ولانشرح فيها إلا ما قد بينت لك في الكذب، بلى إن وزرها أعظم وأكبر ؛ لأن فيها الاستخفاف بمن له العظمة والجلال سبحانه وتعالى.
صفحه ۵۰