ایرسالیه حبشیه در روسیه
الإرسالية القبطية الحبشية في البلاد الروسية: نيافة الأنبا متاءوس في بلاد الروس
ژانرها
ولما أقبل صباح السبت 19 منه سرنا إلى مينا مخصوصة على نهر نيفا، فأخذنا رفاصا كان أعد لنا، فسار بنا إلى محل تصنع فيه المراكب، وفي أثناء سيرنا كنا نشاهد المراكب بكثرة في هذا النهر، وعند وصولنا استقبلنا في كشك مخصوص كان معدا للسفراء وللعائلة الملوكية. وأمام هذا الكشك كانت العساكر مصطفة بأجمل نظام وبجانبهم بعض قواد الجيش ثم الوزراء وعدد عظيم من موظفي النظارات، وعلى جهتي الباخرة كان يوجد عدد عظيم من أعيان القوم ينتظرون الباخرة. وفي الساعة 11 و5 دقائق حضرت جلالة الملكة أم القيصر الحالي فاستقبلها وزير الخارجية وبعض القواد، وصدحت الموسيقى إكراما لها فألقت التحيات للحاضرين، ثم حضر جلالة القيصر فقابله جميع السفراء وصافحهم فقط يدا بيد، إلا نيافة المطران فإنه تكلم معه، فقال: كيف صحتك اليوم؟ هل نظرت مركبا قبل نزولها المياه مثل هذه؟ فأجابه: كلا. فقال جلالته: انظر الآن. وتركه ومضى، فتعجب الحاضرون من كلام جلالته هذا، وصار البعض يستفهم من الآخر عن نيافة المطران وكيف تحدث معه القيصر، وما وافت الساعة 12 وربع إلا وتركت الباخرة موضعها الأصلي وسارت في المياه، ففي الحال هللت الناس وهتفت بصوت واحد: «فليعش جلالة الإمبراطور» ثلاث دفعات، وأطلق 41 مدفعا، وهذه الباخرة يبلغ طولها 300 ذراع وعرضها 35 وارتفاعها 18 ذراعا، وهي تشبه مدينة عائمة على وجه المياه، وبلغت تكاليفها مليونا من الجنيهات. وفي الساعة 12 و5 دقائق عاد جلالة الإمبراطور ووالدته وسفراء الدول الذين حضروا ووزير الخارجية، وبعد 5 دقائق أخذنا الرفاص وعدنا للميناء ومنها إلى النزل. وفي يوم الأحد 20 منه أدينا الصلاة في كنيسة أخرى باسم العذراء، فظللنا لغاية الساعة 11 وأخيرا عدنا للنزل وتناولنا به الغداء. وفي الساعة 3 بعد الظهر زار نيافة المطران جلالة والدة الإمبراطور وكان معه الوكيل المعين فقط حيث تناول الشاي بعد المقابلة، ولبث لغاية الساعة 5 وعاد بالقطار؛ لأن قصرها ب «بترهوف» بجانب قصر الإمبراطور الذي يمضي في فصل الصيف كما تقدم، وقد تعجب نيافة المطران من تواضع هذه الملكة وتواضع ابنها الإمبراطور أيضا، فخرج من حضرتها وقلبه ممتلئ من العجب، وأخذ يطلب منه تعالى أن يديم لها وللأمة المسكوبية هذا الملك العادل.
ومن يوم 21 لغاية 25 منه كنا نأخذ لنفسنا الراحة كل يوم لغاية الساعة 8 مساء نتردد في الجزائر تارة وحدنا وأخرى مع نيافة المطران.
حديقة الحيوانات
وفي يوم 25 الساعة 3 مساء قصدنا زيارة حديقة الحيوانات، فلبثنا بها نحو ساعتين وشاهدنا في جهة الشمال منازل الحيوانات الصغيرة كالهر والنسناس والببغاء ونحوها، وشاهدنا من الجهة الأخرى منازل الحيوانات المفترسة كالنمر والسبع والضبع ونحوها. وفي الشمال الغربي يوجد فيلان كان يلاعبهما المكلف بأكلهما فصارا يلعبان على الموسيقى والطبل أمامنا مدة ربع ساعة، ونظرنا جملة حيوانات أخرى كثيرة أغلبها يوجد في حديقة حيوانات مصر.
وفي صباح الأحد 27 منه توجهنا إلى كنيسة العذراء، فأدينا فيها الصلاة في موضع خاص أمام باب الهيكل، وبعد انتهاء القداس تهافت الشعب على نيافة المطران، وأخذوا يقبلون يديه نحو ساعة من الزمان.
الضربخانة
وفي يوم الإثنين 28 منه الساعة 3 قصدنا زيارة الضربخانة، وهنا يعجز القلم عن إيضاح ما شاهدناه من المدهشات لما دخلنا هذا المحل العظيم المبني من الحديد، ووجدنا جناب مديره ينتظرنا مع بعض الضباط، فساروا بنا أولا إلى محل كبير هو خزينة النقود وبداخله قوالب من الذهب الخالص، حجم الواحدة 12 مترا و20 سنتيمترا، وارتفاعها 2 سنتمترات، ويبلغ وزنها 18 كيلوجراما.
ثم ساروا بنا إلى محل يشبه هذا المحل وبداخله قوالب أخرى مثل هذه، وفي أثناء مرورنا كنا نشاهد الذهب والفضة المستخرجة، وهي غير الخالصة، كانت مطروحة أمامنا على الأرض، ثم شاهدنا الآلة التي تصفي الذهب والفضة، وقد أهداها عم جلالة الإمبراطور الحالي للضربخانة المشار إليها.
ولما صعدنا إلى أعلى هذا المحل العظيم في المكان الذي يصبون فيه هذه المعادن كنا ننظر لقوالب الذهب السابق ذكرها يقطعونها إربا إربا، ويأخذون كل قطعة فيمدونها بواسطة النار حتى تصير شبه قضيب، ثم يأخذون هذا القضيب ويضعونه تحت آلة تجعله سمكا واحدا، ثم يضعونه تحت آلة أخرى تقطعه قطعا في حجم الجنيه، ثم يأخذون هذه القطع ويضعون قطعة بعد أخرى تحت آلة تزنها، فالقطعة المضبوطة تسقط تحت الآلة في محل مخصوص، والقطعة الزائدة تأخذ منها تلك الآلة مقدار الزيادة، وأما الناقصة فتطرحها خارجا. وبعد ذلك يأخذون جميع القطع ويضعونها تحت آلة أخرى للطبع، وكذلك يفعلون في الأخرى. وأما الجزء الباقي من بعد تقطيع المعادن فيسكبونه أيضا، وتجري عليه العملية المشار إليها مرة أخرى.
ولما سألنا مدير الضربخانة عن القيمة التي تخرجها الضربخانة في اليوم الواحد أجاب أنها 100 ألف جنيه، وهكذا لبثنا نحو أربع ساعات ونحن في غاية الاندهاش، ثم ساروا بنا أيضا إلى المحل الذي يجهزون فيه النياشين والمداليات، فناول جناب المدير نيافة المطران مدالية من البرنز تذكارا لدخوله هذا المحل، وكلفه بكتابة اسمه وتاريخ زيارته عليها ففعل.
صفحه نامشخص