انتصارات
الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية
ویرایشگر
سالم بن محمد القرني
ناشر
مكتبة العبيكان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٩هـ
محل انتشار
الرياض
تعالى: ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ... (١٦٤) «١» ومن المحال عادة أن من يقرر ناموسا وشريعة يخالف ما يدعي أنه أنزل عليه بما يقوله، ونسبته في ذلك/ إلى الغلط والوهم ممتنع عادة، لأن هذا مما لا يخفى عن عاقل، فضلا عن ذي ناموس.
فالحاصل: أن راوي هذا الحديث وهم في روايته، وقد صح عن عائشة أنها قالت:
" وهل «٢» أبو عبد الرحمن- تعني ابن عمر-؟ إنما مر رسول الله ﷺ/ بقوم يبكون «٣» على يهودي، أو يهودية، فقال: «إنهم ليبكون عليها/ وإنها تعذب في قبرها» «٤».
- الله عنهما-" فلما مات عمر- ﵁ ذكرت ذلك لعائشة- ﵂ فقالت:
" رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله ﷺ أن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله ﷺ قال: (إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه)، وقالت: حسبكم القرآن ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى قال ابن عباس- ﵄ عند ذلك: والله قال ابن أبي مليكة: والله هُوَ أَضْحَكَ وأَبْكى ما قال ابن عمر ﵄ شيئا" اهـ. قلت: لقد صح من طرق عند البخاري ومسلم وغيرهما ما رواه عمر وابنه عن رسول الله ﷺ وصح قول عائشة- ﵂ أن ذلك يوهم معارضة الآية المذكورة، ولكن يمكن الجمع بينهما بما قاله الجمهور من العلماء والذي سيورده المؤلف قريبا وهو أن قوله ﷺ: (إن الميت يعذب ببكاء أهله أو ببكاء الحي) محمول على من وصى أن يناح عليه أو علم أنه سيناح عليه ولم ينه عن ذلك.
وكان الأولى للطوفي الاقتصار على هذا في الحديث مع هذا النصراني. والله أعلم.
(١) سورة الأنعام، آية: ١٦٤، والإسراء، آية ١٥، وفاطر، آية، ١٨، والزمر، آية: ٧.
(٢) وهل: أي أخطأ ونسي وسها. [انظر لسان العرب ١١/ ٧٣٧، وشرح مسلم للنووي- ٦/ ٢٣٤] وهذه الكلمة جاءت في نص آخر غير هذا النص.
(٣) في (ش): وهم يبكون.
(٤) أخرجه مسلم في الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله، حديث رقم ٢٥، ٢٧ وأحدهما: (عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة، وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي. فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن. أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله ﷺ على يهودية يبكى عليها فقال: (إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها).
1 / 476