248

انتصار بر علمای شهرها

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرها

فقه

وإذا كان الماء المستعمل على رأيهما لا يجوز التوضؤ به، فهل تجوز إزالة النجاسة به أم لا؟ فيه مذهبان:

أحدهما: أنه لا تجوز إزالته به، وهذا هو رأي الناصر وأحد قولي الشافعي المعمول عليه عند أصحابه؛ لأنه ماء لا يرفع الحدث فلم تجز إزالة النجاسة به كالماء النجس.

وثانيهما: أنه يجوز إزالة النجاسة به، وهذا شيء يحكى عن المنصور بالله، وهو محكي عن الشافعي في قول آخر من جهة أن للماء حكمين: رفع الحدث، وإزالة النجاسة، فإذا بطل كونه رافعا للحدث بدليل شرعي، نفى كونه مزيلا للنجس، وقد سبق الاختيار في الماء المستعمل فأغنى عن الإعادة.

التفريع الثالث: على رأي الناصر، والهادي، والمنصور بالله، والشافعي وغيرهم، في كون الماء المستعمل غير مطهر فإذا انغمس الجنب في ماء كثير أو غسل عضوا من أعضائه بنية رفع الجنابة عنه، لم يكن الماء مستعملا عندهم لا محالة وهو الأصح من قولي الشافعي ويخرج عن جنابته.

والحجة على ذلك: هو أن حكم النجاسة أقوى من حكم الاستعمال، فلو وقعت نجاسة فيما هذا حاله من المياه الكثيرة لم يزل حكمه في كونه مطهرا إذا كان غير متغير بها، فهكذا حال الاستعمال يكون أحق بذلك، وحكى صاحب (الشامل) عن الشافعي قولا آخر، وهو أن الماء مع كونه كثيرا يكون مستعملا ويخرج به عن جنابته، من جهة أن الاستعمال حاصل بجميعه وهو مانع من طريق الحكم فلا تؤثر فيه الكثرة، وهذا فاسد فإن ما هذا حاله يلزم أن يكون ماء البحر مستعملا وهذا لا قائل به، إذ لا فرق بين كثرة وكثرة، بعد ما كانت الكثرة معلومة.

وإذا أدخل الجنب يده في ماء قليل بنية الاغتراف منه والتبرد به، فإنه لا يصير مستعملا؛ لأن الاستعمال إنما يحصل حكمه بشرط حصول نية القربة بالغسل للجنابة وهي غير حاصلة فيما ذكرناه، وإن أدخلها بنية رفع الجنابة صار الماء مستعملا وخرج عن جنابته باليد، كما لو أفاض الماء عليها بنية الجنابة، وإن انغمس الجنب في ماء قليل صار الماء مستعملا وخرج عن جنابته وهو أحد قولي الشافعي المنصوص له، ولا يصير مستعملا إلا بعد انفصاله عنه فلو توضأ منه رجل أو اغتسل منه قبل انفصاله عنه صح وضوؤه وغسله، لأنه مالم ينفصل عنه فليس مستعملا.

صفحه ۲۵۳