انتصار بر علمای شهرها
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرها
التفريع الأول: الماء إذا كان دون القلتين على رأي القاسم ومن وافقه من العلماء الذين حكيناهم ووقعت فيه نجاسة ولم تغيره، فإنه يكون طاهرا مطهرا، ولا يحتاج إلى مغالبة بكثرة الماء(¬2) في طهارته؛ لأنه في الأصل طاهر فلا يحتاج إلى تطهير بغلبة الماء الطاهر عليه، فإذا ظهر عليه أثر النجاسة فغيرت أحد أوصافه جاز إيراد الماء الكثير عليه، فإذا ذهب ما تغير من أوصافه لكثرة الماء فإنه يعود طاهرا، وهكذا القول في الأمواء المستعملة فإنها تكون على رأيه طاهرة مطهرة من جهة أن الماء إنما ينجس بظهور النجاسة عليه على رأيه، فإذا كانت النجاسة لا تغير حكم الماء إلا مع الظهور، فيجب أن تكون الأمواء المستعملة جارية على حكم الطهارة؛ لأنها غير متغيرة بنجاسة ويلزمها حكم التطهير لقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}[الفرقان:48]. والطهور: اسم موضوع للمبالغة كالضروب والصبور لمن تكرر منه ذلك، فهكذا يكون الطهور واقعا على تكرير التطهير بالماء مرة بعد مرة، وهذا هو المراد بالاستعمال بالماء، فإذا استعمل في الغسل جاز استعماله في الوضوء وفي إزالة النجاسة، وهو الذي اخترناه من قبل، ويؤيده ما رواه أبو هريرة عن النبي ، أنه سئل عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة وأن الكلاب والسباع تلغ فيها فقال الرسول : ((لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور))(¬1). وهذا عام فيما يعد من الأمواء مالم يتغير، وعام في الحياض الكثيرة والقليلة، لكنا خصصنا ما تغير بالنجاسة من ظاهر هذا الحديث وعمومه، وبقي حجة في القليل والكثير كما ترى من ظاهره.
التفريع الثاني: على رأي من قال من العترة : بأن الماء المستعمل غير مطهر كالناصر والمنصور بالله، وهو رأي الشافعي، فإذا اجتمع قلتان من الماء المستعمل، فالذي يأتي على رأي الناصر والمنصور بالله وهو أحد قولي الشافعي أنه يصير مطهرا كالماء النجس إذا بلغ قلتين، وحكي عن الشافعي قول آخر: أنهما لا يصيران مطهرين لغيرهما؛ لأنه لا يقع عليهما اسم الماء المطلق، وإنما يقال له: ماء مستعمل وإن كان كثيرا بخلاف الماء النجس فإنه بعد اجتماعه قلتين يقال له: ماء على الإطلاق فافترقا.
والمختار على أصلهما: أنه يكون مطهرا من جهة أن القلتين ماء كثير، فإذا كانا باجتماعهما يرفعان النجاسة لكثرتهما، فلأن يرفعا الاستعمال أحق وأولى؛ لأن النجاسة عين والاستعمال حكم شرعي والعين أقوى تأثيرا من الحكم، فإذا دفعا العين دفعا الحكم لامحالة.
صفحه ۲۵۲