انسان، حیوان، آلة: بازتعریف مداوم طبیعت انسانی
الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية
ژانرها
تهدف بعض التقنيات بوضوح إلى الاحتفاظ بالذكريات ونقلها، وتسمى طرق الاستذكار. ويتسبب كل ظهور جديد لطريقة استذكار في التأثير على نحو عميق على المجتمع: اللغة الشفهية، والفن الجداري، والكتابة المسمارية ، ثم الأبجدية والطباعة والبطاقات المثقوبة والفونوجراف والكاميرات السينمائية وذاكرات التخزين الرقمية. واليوم، يمكن تسجيل الملامح المختلفة لحياتنا وتصفحها ومشاركتها أكثر من ذي قبل. فيستطيع كل فرد أن يتذكر وأن يحتفظ بآثار لمساره في الحياة وأن يسلط الضوء على بصماته الخاصة. (2-2) الاستباق والتنبؤ عبر عناصر محفوظة في الذاكرة
تسمح تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي منذ حوالي خمسين عاما بابتكار تقنيات قادرة ليس فقط على حفظ المعلومات بل تحليلها أيضا، وهو ما يعد حدثا فارقا في تاريخ طرق الاستذكار. فعلى سبيل المثال تحاول بعض تقنيات ضغط البيانات أن تفرغ التراكيب المكررة في مقطع موسيقي أو مقطع فيديو لتحويل محتواه إلى صورة مدمجة. وتقوم صيغ الضغط المشهورة حاليا مثل
mp3
على هذا النوع من التحليل.
ويسمح أيضا فهم هيكل مسار زمني ما بالاستباق والتنبؤ بالقيم المستقبلية لهذا المسار. وثمة أساليب عدة للتنبؤ بواسطة سلسلة مسجلة مسبقا. فلنتخيل مثلا آلة تحاول التنبؤ بمكان هبوط كرة أطلقناها للتو في الهواء. فستحاول الآلة أن تلائم بين نقاط المكان «أ» (وهو مسار الكرة في بداية حركتها) ونقاط المكان «ب» (موقع الكرة بعد مرور ثانية). وفي الرياضيات هذه إحدى مسائل تحليل الانحدار وهي إعادة تجميع دالة في مجملها عبر بعض النقاط. وبغية حل هذه المسألة، نفترض مسبقا بعض خصائص هذه الدالة، مثل تعدد الحدود، ونبحث في هذه المجموعة الفرعية عن تلك التي من شأنها أن تقترب بصورة أفضل من النقاط المتوفرة.
يمكن أيضا اللجوء إلى أساليب غير معيارية وأكثر بساطة وذات فاعلية متساوية في بعض الأحيان. فيعتمد التعلم عبر النماذج الأولية على حفظ كل أمثلة الاتفاق بين مكاني «أ» و«ب» واستخدام الأمثلة الأقرب من السياق ذي الصلة للقيام بتنبؤ جديد. وهكذا عند رؤية صورة فطر والرغبة في التنبؤ بما إذا كان ساما أم لا، فقد يكتفي نظام ما بالمقارنة بين هذه الصورة وكل الصور المرئية السابقة ووصفها ب «سامة» أو «قابلة للأكل» وفقا لغالبية التصنيفات المرتبطة بالصور الأكثر تشابها لهذه الصورة.
ويوفر الذكاء الاصطناعي في هذه الأيام مجموعة هائلة من طرق التعلم ، تتناسب كل منها مع بعض المشكلات دون غيرها، ولكل منها خصائصها، ويتعين معرفة اختيار الطرق الأكثر تناسبا وفقا لنوع التعلم المطلوب تحقيقه أو ترك الآلة تختار بنفسها في بعض الحالات (انظر الفصل الخامس).
بدأ استخدام هذه التقنيات في مجالات تطبيقية متزايدة، تبدأ من التنبؤ بمعناه الدقيق (التنبؤ بأحوال الطقس، والتنبؤ المالي والاقتصادي) وحتى استكشاف قواعد بيانات ضخمة (محركات البحث على شبكة الإنترنت، والتحكم في الجودة في الصناعة، والأبحاث في العلوم العصبية والطب). وقد بدأت أيضا في الظهور في واجهات الاستخدام في شكل نظم إكمال تلقائي للنص (سواء في الرسائل القصيرة أو واجهات نظام تحديد المواقع العالمي) أو التوصية بمحتويات مرئية وسمعية. وسيزداد في القريب العاجل عدد الأنظمة الاصطناعية التي تتعلم.
وأخيرا يمكن القول إنه من بين كل هذه الأساليب، يمكن اعتبار بعضها نماذج شائقة لفهم الطريقة التي تتيح للحيوانات أو الإنسان الاستباق والتنبؤ. وقد سمحت شبكات الخلايا العصبية الاصطناعية، دون أن تكون بالتحديد نماذج بيولوجية، بتطوير بداهتنا بطريقة يمكن بها التعلم بصورة متوازية وموزعة.
4
صفحه نامشخص