٦- مسألة: [في رافع الاسم الواقع بعد الظرف والجار والمجرور] ١
ذهب الكوفيون إلى أن الظرف يرفع الاسم إذا تقدم عليه، ويسمُّون الظرف المحلّ، ومنهم من يسميه الصفة، وذلك نحو قولك "أمامك زيد، وفي الدار عمرو" وإليه ذهب أبو الحسن الأَخْفَش في أحَدِ قَوليه وأبُو العباس محمد بن يزيد المُبَرِّد من البصريين، وذهب البصريون إلى أن الظرف لا يرفع الاسم إذا تقدم عليه، وإنما يرتفع بالابتداء.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن الأصل في قولك: "أمامك زيد، وفي الدار عمرو" حلّ أمَامَكَ زيد، وحلّ في الدار عمرو، فحذف الفعل واكتفى بالظرف منه، وهو غير مطلوب، فارتفع الاسم به كما يرتفع بالفعل. والذي يدلّ على صحة ما ذهبنا إليه أن سيبويه يساعدنا على أن الظرف يرفع إذا وقع خبرًا لمبتدأ، أو صفة لموصوف، أو حالًا لذي حال، أو صلةً لموصول، أو معتمدًا على همزة الاستفهام أو حرف النفي، أو كان الواقع بعده "أنَّ" التي في تقدير المصدر؛ فالخبر كقوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ﴾ [سبأ: ٣٧] فجزاء مرفوع بالظرف، والصفة كقولك "مررت برجل صالح في الدار أبوه"، والحال كقولك "مررت بزيد في الدار أبوه" وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ﴾ "فهدى ونور" مرفوعان بالظرف لأنه حال من الإنجيل، ويدل عليه قوله تعالى ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٦] فعطف "مصدقا" على حال قبله، وما ذاك إلا الظرف، والصلة كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] والمعتمد
_________
١ انظر في هذه المسألة: مغني اللبيب لابن هشام "ص٤٢٣ بتحقيقنا" وانظر في بعض ما ذكره المؤلف شروح الألفية في مبحث وقوع الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا "التصريح للشيخ خالد ١/ ١٩٨ وحاشية الصبَّان على الأشموني ١/ ١٩٣ بولاق" وشرح الرضي على الكافية "١/ ٨٣" وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري "ص١٠٨ أوروبة".
1 / 44