قال محمود رحمه الله (فإن قلت: كيف ذلك ومخادعة الله والمؤمنين لا تصح الخ) قال أحمد رحمه الله: هذا الفصل من كلام الزمخشري جمع فيه بين الغث والسمين، ونح ن ننبه على ما فيه من الزبد ليتم للناظر أخذ ما فيه من السنة آمنا من التورط في وضر البدعة، مستعينين بالله وهو خير معين، فما خالف فيه السنة قوله: إن الله تعالى عالم بذاته، يريد لا يعلم، وهذا مما وسمت به المعتزلة في المقدمة من أنهم يجحدون صفات الكمال الإلهي، يبغون بذلك زعمهم التوحيد والتنزيه. ومعتقد أهل السنة أن الله تعالى عالم بعلم قديم أزلي، متعلق بكل معلوم واجب أو ممكن أو مستحيل، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين، وحسبك هذه الآية مصدقة لمعتقدهم في ثبوت صفة العلم له تعالى وفى عموم تعلقه بالكليات والجزئيات إلى ما وراءها من البراهين الكلامية على ذلك، ولسنا بصدد ذكرها في هذا الكتاب. ومما خالف فيه السن اعتقاده أن في الكائنات ما ليس مخلوقا لله تعالى لأنه قبيح على زعمه كالمفهوم من الخداع في هذه الآية، وما جره إلى هاتين النزعتين إلا اعتقاده أنه لا يتم استحالة كونه تعالى مخدوعا إلا بأنه عالم بذاته تعم عالميته كل كائن فلا يخدع، إذ نسبة الذات إلى الكائنات نسبة واحدة، ولا يتم استحالة كونه تعالى خادعا إلا باستحالة صدور بعض الكائنات عنه لأنه قبيح على زعمهم، ولقد وقف هذا التنزيه على مالا توقف عليه ولا شرط فيه، فنحن معاشر أهل السنة
صفحه ۱۷۰