اینجاد در ابواب جهاد

ابن عیسی ازدی قرطبی d. 620 AH
188

اینجاد در ابواب جهاد

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

پژوهشگر

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

ناشر

دار الإمام مالك

محل انتشار

مؤسسة الريان

ژانرها

فقه
- حال اضطرار، وذلك حيث يحيط به العدو، فهو يخاف تَغَلُّبَهم عليه، وأَسْرَهُم إياه، فذلك جائزٌ أن يحمل عليهم باتفاق. - وحالٌ يكون فيها في صفِّ المسلمين ومنعتهم، فيحمل؛ إرادةَ السُّمعة والاتصافَ بالشَّجاعة، فهذا حرام باتفاق. - وحالٌ يكون كذلك مع المسلمين، فيحمل غضبًا لله، مُحتسبًا نفسه عند الله، ففي هذا اختلف أهل العلم، فمنهم من كَرِهَ حَمْلَه وحده، ورآه مما نهى الله عنه من الإلقاء باليد إلى التهلكة، ومنهم من أجاز ذلك واسْتَحْسَنه، إذا كانت به قوة، وفي فِعله ذلك منفعةٌ، إمَّا لنكاية (١) العدوِّ أو تَجرئةِ المسلمينَ؛ حتَى يفعلوا مثل ما فَعَل، أو: إرهابِ العدوِّ؛ ليعلموا صلابة المسلمين في الدِّين (٢) .

(١) مكتوب في هامش المنسوخ: «لعلها: بنكاية» . (٢) تكاد تجمع كلمة الفقهاء على جواز ذلك، بل حكى ابن أبي زمنين في «قدوة الغازي» (ص ١٩٨) الإجماع عليه، ونصّ عبارته: «قال ابن حبيب: ولا بأس أن يحمل الرجل وحده على الكتيبة وعلى الجيش إذا كان ذلك منه لله، وكانت فيه شجاعة وجلدٌ وقوةٌ على ذلك، وذلك حسن جميل لم يكرهه أحد من أهل العلم، وليس ذلك من التهلكة، وإذا كان ذلك منه للفخر والذكر فلا يفعل وإن كانت به عليه قوة، وإذا لم يكن به عليه قوةٌ فلا يفعل وإن أراد به الله؛ لأنه حينئذٍ يلقي بيده إلى التهلكة» . وجاء في «البيان والتحصيل» (٢/٥٦٤) ما يلي: «قال أشهب: وسئل مالك عن رجل من المسلمين يحمل على الجيش من العدو وحده، قال: قال الله -تعالى-: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا﴾ فجعل كل رجلٍ برجلين بعد أن كان كل رجل بعشرة، فأخاف هذا يلقي بيده إلى التهكلة وليس ذلك بسواءٍ أن يكون الرجل في الجيش الكثيف فيحمل وحده على الجيش، وأن يكون الرجل قد خلفه أصحابه بأرض الروم أحاطوه فتركوه بين ظهراني الروم، فهو يخاف الأسر فيستقتل فيحمل عليهم، فهذا عندي خفيف، والأول عندي في كثفٍ وقوة، وليس إلى ذلك بمضطر، يختلف أن يكون الرجل يحمل احتسابًا بنفسه على الله، كما قال عمر بن الخطاب: الشهيد من احتسب نفسه على الله، أو يكون يريد بذلك السمعة والشجاعة. قال محمد بن رشد: أما إذا فعل ذلك إرادة السمعة والشجاعة، فلا إشكال ولا اختلاف في أن ذلك من الفعل المكروه، وأما إن اضطر إلى ذلك بإحاطة العدو به، ففعله مخافة الأسر، فلا اختلاف في أن ذلك من الفعل الجائز، إن شاء أن يستأثر، وإن شاء أن يحمل على العدو ويحتسب نفسه على الله، =

1 / 194