إليها، والمنع من ذلك مضرة عليهما؛ والشارع لا ينهى عن المصالح الراجحة، ويوجب المضرة المرجوحة كما قد عرف ذلك من أصول الشرع. وهذا كما أن من أخذ السفتجة من المقرض، وهو أن يقرضه دراهم يستوفيها منه في بلد آخر، مثل أن يكون المقرض غرضه حمل دراهم إلى بلد آخر، والمقترض له دراهم في ذلك البلد، وهو محتاج إلى دراهم في بلد المقرض، فيقترض منه في بلد دراهم المقرض، ويكتب له سفتجة أي: ورقة إلى بلد فيها دراهم المقترض، فهذا يجوز في أصح قولي العلماء، وقيل: ينهى عنه؛ لأنه قرض جرَّ منفعة والقرض إذا جر منفعة كان ربا. والصحيح الجواز لأن المقترض رأى النفع بأمن خطر الطريق إلى نقل دراهمه إلى ذلك، وقد انتفع المقرض أيضا بالوفاء في ذلك البلد، وأمن خطر الطريق إذا نقل دراهمه إلى بلد دراهم المقترض؛ فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض؛ والشارع لا ينهى عما ينفع الناس ويصلحهم ويحتاجون إليه، وإنما ينهى عما يضرهم ويفسدهم، وقد أغناهم الله عنه، والله أعلم.
الأكل بعوض
(مسألة) في جندي له أقطاع، ويجيء عند فلاحيه فيطعمونه، هل يأكل؟
(الجواب): إذا أكل وأعطاهم عوض ما أكل فلا بأس، والله أعلم.
الأموال المكسوبة من الخمر والحشيش
(مسألة) في الأموال المكسوبة من الخمر والحشيش، هل يأكلها الفقير أو أعوان ولي الأمر؟
(الجواب): المال المكسوب من الخمر والحشيشة يتصدق به، وإذا تصدق به جاز للفقير أكله، ويجوز أن يعطيه ولي الأمر لأعوانه، والله أعلم.
العمل في المكان المغصوب
(مسألة): في رجل يطحن في طواحين السلطان يستأجرها، وهو يعلم أن بعضها ما هو غصب، وفي رجل يعمل في زرع السلطان، هل
1 / 47