راجع لقوله حلالا لا لقوله ميتة شبهه بذبح الحيوان المغصوب في الحل لا في الحرمة، والله أعلم. قاص أو جازفه في الدين
(الحادية عشرة): إذا كان لإنسان على آخر دين من طعام ونحوه، فأشفق في الوفاء، فطلب غريمه أن يعطيه الثمرة عماله في ذمته، فهل يجوز ذلك أم لا.
(فالجواب) - وبالله التوفيق-: قال البخاري ﵀ في صحيحهباب إذا قاص أو جازفه في الدين، فهو جائز -زاد في رواية كريمة- تمرا بتمر وغيره) وساق حديث جابر أن أباه توفي، وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود، فاستنظره جابر فأبى أن ينظره، وكلم رسول الله ﷺ ليشفع له إليه فجاء رسول الله ﷺ فكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبى، الحديث. وبه استدل ابن عبد البر وغيره من العلماء على جواز أخذ الثمر على الشجر عما في ذمته، إذا علم أنه دون حقه إرفاقا بالمدين، وإحسانا إليه وسماحة بأخذ الحق ناقصا.
وترجم البخاري ﵀ بهذا الشرط فقال: إذا قضى دون حقه أو حلَّله فهو جائز)، وساق حديث جابر -أيضا-، فأما إذا كان يحتمل أنه دون حقه أو مثله أو فوقه، فهذا غير جائز أن يأخذ عما في الذمة شيئا مجازفة أو خرصا، لا سيما إذا كان دين سَلَمٍ لما في البخاري وغيره عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ومضمون" ١ هذا الحديث عام، وبه أخذ الجمهور، وقد يقال: إن قضية جابر قضية عين لا عموم لها، ويترجَّح المنع بهذا سدا للذريعة، لا سيما في هذه الأوقات لكثرة الجهل والجراءة بأدنى شبهة، والله أعلم.
الباطل والفاسد عند الأصوليين
(الثانية عشرة): ما حكم الباطل والفاسد عند الأصوليين
_________
١ البخاري: السلم (٢٢٣٩)، ومسلم: المساقاة (١٦٠٤)، والترمذي: البيوع (١٣١١)، والنسائي: البيوع (٤٦١٦)، وأبو داود: البيوع (٣٤٦٣)، وابن ماجه: التجارات (٢٢٨٠)، وأحمد (١/٢١٧،١/٢٢٢) .
1 / 40