قبل القبض ثانيا، بطل الرهن الأول سواء قبض الهبة أو المبيع أو الرهن الثاني أو لم يقبضه، فإن أخرجه المرتهن إلى الراهن باختياره له زال لزومه، وبقي العقد كأن لم يوجد فيه قبض، قال في "الإنصاف": هذا المذهب وعليه الأصحاب، وعنه أن استدامته في العين ليس بشرط، واختاره في الفائق. انتهى ملخصا.
فقد عرفت الأصح من الأقوال الذي عليه أكثر العلماء، فعليه لا ضرر على الراهن لبطلان الرهن بالتصرف إذا لم يكن في قبضة المرتهن. وقد ذكر العلماء –أيضا- أن المرتهن لا يختص في ثمن الرهن إلا إذا كان لازما، وما عدا هذا القول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، ويترتب على الفتوى به من المفاسد ما لا يتسع لذكره هذا الجواب، وليس مع من أفتى به إلا محض التقليد، وأن العامة تعارفوه فيما بينهم ورأوه لازما فأنت خبير بأن هذا ليس حجة شرعية، وإنما الحجة الشرعية الكتاب والسنة والإجماع -اتفاق مجتهدي العصر على حكم- ولا بد للإجماع من مستند، والدليل القياس الصحيح وكذا الاستصحاب على خلاف فيه. فلا إله إلا الله كم غلب على حكام الشرع في هذه الأزمنة من التساهل في الترجيح، وعدم التعويل على ما اعتمده المحققون من القول الصحيح. وقد ادعى بعضهم أن شيخنا أفتى بلزوم الرهن وإن لم يقبض، فاستبعدت ذلك على شيخنا ﵀؛ ولو فرضنا وقوع ذلك، فنحن بحمد الله متمسكون بأصل عظيم، وهو أنه لا يجوز لنا العدول عن قول موافق لظاهر الكتاب والسنة لقول أحد كائنا من كان. وأهل العلم معذورون وهم أهل الاجتهاد كما قال مالك ﵀: ما منا إلا راد ومردود عليه
1 / 29