لكن حكى عن أبي الحسن الأشعري إنكار إجماعهم على تكفير مرتكبي الذنوب ، ونقل عنهم تفصيلا في ذلك ، وانتهوا في التفريع على هذا الأصل إلى فرق كثيرة ، ولكن أخنى عليها الدهر ، والموجودون اليوم منهم في عمان من الأباضية ، على ما يظهر منهم ويسمع عنهم.
الغلاة ومن خرج عن الاسلام ببعض العقائد :
قد ذكرنا في بدء هذا الفصل أن اصول الفرق الاسلامية أربعة ، ومنها تتفرع الفرق جميعا ، وأن فرق الغلاة من فروع تلك الاصول ، فلا تجد أصلا إلا وله بعض الفروع الغالية.
وهكذا الشأن فيمن ينتحل شيئا كالتناسخ والحلول والتشبيه أو غير ذلك مما يرجع الى الكفر عند فرق المسلمين ، ولكن التهجم عليهم بالكفر لما ينسب إليهم من الاعتقاد ليس بالأمر السهل ، فإن تكفير من يعترف بالشهادتين لا ينبغي أن يقدم عليه من له حريجة في الدين ، دون أن يعتمد على ركن وثيق وما دمنا في فسحة من ذلك فلا نلج هذا الباب ، ولا نلقي بأنفسنا من شاهق ثم نفحص عن سلم النجاة ، ولا سيما أن تلك الفرق التي رميت بالخروج عن ربقة الاسلام الصحيح بانتحالها بعض العقائد الباطلة قد أصبحت في خبر كان ، ولم يبق منها إلا شواذ لا مقام لهم يلحظ بين أبناء الاسلام ، ولا يخاف من تسرب معتقداتهم الفاسدة بل أصبحوا يتكتمون فيما يعتقدون حذرا من سطوة بني الدين في الحجج والبراهين وإبطال ما يدينون به أو نبزهم بالكفر والمروق عن الاسلام.
والحذر من سراية ذلك الداء الى أرباب الجهل أهم ما كان لدى الأوائل ممن قاوم تلك البدع والضلالات بكل ذريعة ، ونحن اليوم في أمان من الانخداع
صفحه ۶۲