وقد كان شعر المخضرمين آية في علو الطبقة ومتانة السبك يربو بهما على ما تقدم عنه، وما تأخر من سائر الشعراء، ولكن مبلغهم من الرقي في الحضارة أضعف فيهم نزعة المتقدمين الفطرية، فقصروا فيها عن المتقدمين، ولم يمكنهم من التأنق في المعيشة بما استتب للعرب بعدهم من مزينات العمران، فلم يدركوا شأو المولدين بالرقة والتصرف بالمعاني، وفي ما سوى ذلك كان شعرهم غاية الغايات .
ولا فرق في ذلك بين شعراء النبي والخلفاء الراشدين كحسان بن ثابت وكعب بن زهير، وشعراء الدولة الأموية كذي الرمة وعبيد الراعي بل ربما كان شعر الدولة الأموية أعرق في البلاغة كما تقدم، وفي ما يلي من أمثلة شعرهم ما يؤيد هذا القول.
قال حسان يمحد النبي ويفتخر:
الله أكرمنا بنصر نبيه
وبنا أقام دعائم الإسلام
وبنا أعز نبيه وكتابه
وأعزنا بالضرب والإقدام
في كل معترك تطير سيوفنا
فيه الجماجم عن فراخ الهام
ينتابنا جبريل في أبياتنا
صفحه نامشخص