والقسم الثالث إذا اشتملت على الحاجة والمحظور غالب كغالب الحمامات التي في البلاد الباردة فإنه لا بد لأهل تلك الأمصار من الحمام ولا بد في العادة من أن تشتمل على محظور فهذا أيضا لا تطلق كراهة بنائه إذ من المعلوم أن من الأغسال ما هو واجب كغسل الجنابة والحبض والنفاس ومنها ما هو مؤكد قد نوزع في وجوبه كغسل الجمعة والغسل في البلاد الباردة لا يمكن إلا في حمام وإن اغتسل من غيره خيف عليه التلف ولا يجوز الانتقال إلى التيمم مع القدرة عليه بالماء في الحمام
وهل يبقى مكروها عند الحاجة إلى استعماله في طهارة مستحبة هذا محل تردد فإذا تبين ذلك فقد يقال بناء الحمام واجب حيث يحتاج إليه لأداء الواجب العام وأما إذا اشتمل على محظور مع إمكان الاستغناء عنه كما في حمامات الحجاز في الأزمان المتأخرة فهذا محل نص أحمد وبحث ابن عمر وقد يقال عنه إنما يكره بناؤها ابتداء فأما إذا بناها غيرنا فلا نأمر بهدمها لما في ذلك من الفساد
وكلام أحمد إنما هو في إحداث البناء لا في الإبقاء والاستدامة أقوى من الابتداء وإذا انتفت الحاجة انتفت الإباحة كحرارة البلد وكذا إذا كان في البلد حمامات تكفيهم كره إحداث حمام جديد
ويتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع
والأظهر أن الصاع خمسة أرطال وثلث عراقية سواء صاع الطعام والماء وهو قول جمهور العلماء خلافا لأبي حنيفة والشافعي
وذهب طائفة من العلماء كابن قتيبة والقاضي أبي يعلى في تعليقه وأبي البركات إلى أن صاع الطعام خمسة أرطال وثلث وصاع الماء ثمانية أرطال عراقية لكن مقدار طهور النبي صلى الله عليه وسلم في الغسل ما بين ثمانية أرطال عراقية إلى خمسة أرطال وثلث والوضوء ربع ذلك
صفحه ۱۹