يدي من لا تأخذه سنة ولا نوم، فلعله يرضى عني. وكان عطاء السليمي إذا فرغ من وضوئه ارتعد وانتفض وبكى بكاءً شديدًا، فقيل له في ذلك، فقال: إني أريد أن أتقدم إلى أمر عظيم: إني أريد أن أقوم بين يدي الله ﷿.
الرابع: استحضار اطلاع الله ﷿ على عبده في حال العمل له، وتحمل المشاق لأجله، فمن تيقنّ أن البلاء بعين من يحبه هان عليه الألم كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله ﷿ لنبيه (: (واصبر لحُكمِ ربِّكَ فإنَّكَ بأعْيُنِنا)، وقوله تعالى لموسى وهارون ﵉: (لا تخافآ إنَّني مَعَكُمآ أسمعُ وأرى)، وقال (: " اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك ". قال أبو سليمان: قرأت في بعض الكتب: يقول الله ﷿: " بعيني ما تحمل المتحملون من أجلي وكابد المتكبدون في طلب مرضاتي، فكيف بهم وقد صاروا في جواري، وتبحبحوا في رياض خُلدي؟ فهنالك فليبشر المصفُّون لله أعمالهم بالمنظر العجيب من الحبيب القريب، أترون أني أضيع لهم عملًا؟ فكيف وأنا أجود على المولين عني، فكيف بالمُقبلين عليّ؟! ".
فإسباغ الوضوء في البرد لا سيما في الليل يطلع الله عليه، ويرضى به، ويباهي به الملائكة، فاستحضار ذلك يهون ألم برد الماء، وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عقبة بن عامر عن النبي (قال: " رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عُقد فيتوضأ، فإذا وضّأ يديه
1 / 53