فَيَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا يُحَاسَبُونَ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَاءِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ كَذَلِكَ ثُمَّ تُحَلُّ الشَّفَاعَةُ وَيُشَفَّعُونَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً فَيُجْعَلُونَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَيَجْعَلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَرُشُّونَ عَلَيْهِمُ الْمَاءَ» . وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ.
فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: «فَيَنْطَلِقُ فَيَتْبَعُونَهُ وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ نُورًا الْمُنَافِقِ وَالْمُؤْمِنِ»، ثُمَّ تَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: ١٧] الْآيَةَ. وَتَأَمَّلْ حَالَهُمْ إِذَا أُطْفِئَتْ أَنْوَارُهُمْ فَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ وَقَدْ ذَهَبَ الْمُؤْمِنُونَ فِي نُورِ إِيمَانِهِمْ يَتَّبِعُونَ رَبَّهُمْ ﷿، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ ﷺ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ «لِتَتْبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ» " فَيَتْبَعُ كُلُّ " مُشْرِكٍ إِلَهَهُ الَّذِي كَانَ يَعْبُدُهُ. وَالْمُوَحِّدُ حَقِيقٌ بِأَنْ يَتْبَعَ الْإِلَهَ الْحَقَّ الَّذِي كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم: ٤٢] وَذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ: فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقِهِ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ بِالسَّاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، وَتَأَمَّلْ ذِكْرِ الِانْطِلَاقِ وَاتِّبَاعِهِ سُبْحَانَهُ، بَعْدَ هَذَا وَذَلِكَ يَفْتَحُ لَكَ بَابًا مِنْ أَسْرَارِ التَّوْحِيدِ وَفَهْمِ الْقُرْآنِ وَمُعَامَلَةِ اللَّهِ ﷾ لِأَهْلِ تَوْحِيدِهِ الَّذِينَ عَبَدُوهُ وَحْدَهُ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ الَّتِي عَامَلَ بِمُقَابِلِهَا أَهْلَ الشِّرْكِ حَيْثُ ذَهَبَتْ
2 / 81