فقدمت من ذلك ما يجري مجرى الألوكة، وخواطري للأخطار والحوادث مقيدة مملوكة، وجعلته أمام ما أرومه من تفكيك الأمراس لتشكيك النبراس، وتصفية الأكياس بتقوية الأساس، فهي هدية مني إلى كل من كان منصف أديب، وتحفه عني نحو كل منصف بالنظر غير غريب، ولم أبالغ في التنقيح وإنما مرمى مرامي هو التوضيح حتى أني لا أكاد أستغني بالتلويح، فإن ثبتت لي الوسادة لم آثر العنان عما طويت أولا عن نشره كجشي الإجادة، ووضعت موضوعا يكون محمولا على رأس الإفادة.
هذا وإني لما خرج بنا الكلام في ذلك، وطال وطاب، واستدعى كشف الغطاء على الخطأ بتثبيط الخطأ، حتى صار المجموع بما يستحق اسم كتاب بل امتلأ بما طال وطاب.
فلنسميه: الاحتراس عن نار النبراس، ليطابق اسمه معناه، ويوافق عنوانه مدارج مبناه، مع أن المنصف المتصف بقبول الحق من المصارم والمصاحب لا يرى هذا النبراس إلا من نار الخبا يخب.
وأما المعاندون المصرون على التقليد، والزاعمون أنهم يجدون على النار هدى، وهم ينادون من مكان بعيد، والقائلون: هذه النار نار ليلى فيميلوا ولا تصغوا إلى تفنيد.
فإنما يقرع أسماعهم لما طبعه ابن أبي الحديد، حيث قال في نظمه السديد:
هل أنتم إلا الفراش رأى السرج وقد توقد
صفحه ۸