وأما المجبرة من الأشاعرة وغيرهم فقولهم بقدم الإرادة وأنها هي المرجح لا غيرها يستلزم أن لا يصح تعلقها بغير ما تعلقت به أزلا -أعني التعلقات الأزلية- فهم شركاء الفلاسفة في هذه الأورام، ألا ترى أنهم يقولون أن الظلم محال من الله تعالى أي لا يتصور ولا يكون مقدورا له تعالى أصلا، ومع ذلك قالوا أن تمدحه تعالى بقوله: {وما ربك بظلام للعبيد} وأمثالها تمدح بعدم فعله للمحال معلوم أنه إنما يتمدح بترك ما يترك بالاختيار لا المحال فافهم، وقد ظهر أن قولهم: بقدم الإرادة وقولهم: أنها هي المرجح بمجردها بناء على نفي الحسن والقبح عقلا يستلزم مذهب الفلاسفة شاءوا أم أبوا.
فإن قيل: أن الفعل لا يجب إلا عند تعلق الإرادة فإنها بمجردها غير كافية في وجوده فضلا عن وجوبه وإلا كان لزوم قدم العالم ظاهر من دون تصور نزاع.
صفحه ۶۳