الثاني: أن التعميم لأعمال العباد في هذا الكلام إما أن يريد به إدخال أعمالهم التي هي أعمالهم حقيقة عنده وعند مشائخه أهل الكسب، أو أن يريد به ما يعم أعمالهم التي نسبها الله وأسندها إليهم [8]وإن لم تكن أعمالهم حقيقية عنده وعند مشائخه.
لا سبيل إلى الأول؛ لأن أعمالهم التي تلي أعمالهم حقيقة عنده وعند مشائخه ليست إلا الكسب، ولذا تأولوا جميع ما في القرآن والسنة من ذكر أعمال العباد بأن المراد به مجرد الكسب والاكتساب.
وقالوا: إذا خاق عمل العبد أو فعله فالمراد به كسبه؛ لأنه هو المتصف بأنه عمل له حقيقة لا غيره من الآثار.
وإنما قلنا: أنه لا سبيل إلى هذا الشق الأول لأنه يقتضى تعلق الخلق بالكسب وهو محال قطعا وإجماعا، وكيف وهو من الأمور الاعتبارة التي لا تتصور تعلق الخلق بها واعترافهم، ولو جاز إنصاف الكسب بأنه مخلوق لزمهم محالات ولو قعوا فيما فروا عنه من أن فعل العبد الذي هو فعله حقيقة وهو الكسب عندهم يقع اتصافه بالوجود وإن اتصف بالوجود ما تعلق به الكسب والخلق عن الأثر الذي هو خلق الله تعالى كسب للعبد، كما قالوا فليفهم.
صفحه ۲۲