فصل والله لا إله غيره خلافا للوثنية إلى آخرة، حيث زعم أن التوحيد بحصر الخالقية، وأنه لو لم يكن سبحانه وتعالى خالقا لأفعال العباد وموجدا لبقائهم وفواحشهم لزم نقص في قدرته، وأن الكمال في أن يكون في هو المؤثر في جميع الأفعال، وعلى هذا فالكمال والنقص ينشآن من جهت الفعل وعدمه، ومن قال بهذا فقد أثبت الحسن والقبح عقلا، وزاد المناقضة كما سيجيء إن شاء الله تعالى، وما هي بالأولى ....بمناقضات المعترض، ومع ذلك فقد [48]كررها أيضا في شرحه لعقيدة ابن المؤلف قدس الله روحيهما، وهو مقلد في ذلك للدواني، ونقله من كلامه، وليس بمرضي عند أهل التحقيق في هذا الفن، وللدواني فن آخر لا ينازعه في معرفته له، ولو تأمل هذا المقام تأملا صادقا عن نظر صحيح لعلم أن التوحيد لا يتم حقيقة لمن قال بأن الله تعالى مريد لما يقع من قبائح العباد، وأنه تعالى هو الموجد لها بإرادته وقدرته، واختياره، وذلك؛ لأن قول القائل: لا إله إلا الله وقع...... لاسم الواجب الوجود المستحق لجيمع المحامد لصفات الكمال، وليس إرادة القبيح صفة كمال، بل نقص كما عرفت.
وأما إمام الحرمين فإن لما علم توجه ما ذكرناه أولا، وتيقن أن الاعتراف بصفة النقص مطلقا اعتراف بالقبيح العقلي، لا محالة، وأنه سبيل إلى الثقة بصحة الشؤرائع ما لم يحصل الجزم بأن الله تعالى لا يظهر معجزة على يد كاذب، وأن تشبثهم بالعادات ..... لا يغني في الحق شيئا رغم أن التصديق للمدعي بإظهار المعجزة على يديه راجع إلى الكلام، وهو عنده كلام خاص وهو إنشاء خالص.
قال في شرح المقاصد: بمنزلة أن يقول جعلته رسولا، وأنشأت الرسالة فيه كقولك: جعلتك وكيلا، واستنبئتك لشاني من غير قصد إلى إخبار وإعلام.
قال: ومحصوله أنه يعتبر القول فيه إنشاء لا إخبارا. انتهى.
صفحه ۱۱۱