المسألة في الباب الثاني؛ وهؤ في بيان ما يجوز إبداؤه للناظر، وما لا يجوز؛ قال بعدها: "هذا موضع نظر واختلاف بين العلماء مبنيٌّ على الإختلاف في معنى قوله ﷿: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١] ".
قال: "فروي عن عمر بن الخطاب ﵁ المنع من ذلك، وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح: بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمام مع نساء المؤمنين، فامنع من ذلك، وحُلْ دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عُرية المسلمة ... قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة، فابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر، لا تريد إلا أن تبيض وجهها؛ سوَّد الله وجهها يوم تبيضُّ الوجوه".
ثم قال: "وارتضى أبو حامد الغزالي: التسوية بين المؤمنة والذمية والكافرة في جواز ظهور المرأة لهما".
وبعد هذه الآراء قال: "والأظهر عندي: المنع، لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: ٣١]، وهذا نهي مطلق عن الإبداء، لم يخصَّ أحدًا من أحد، استثني من ذلك [أمران]:
أحدهما: الظاهرة من الزينة.
والآخر: البعولة، وآباؤهن، والآباء، وأبناء البعولة، والإِخوة، وأبناؤهم، وبنو الأخوات، ونساء المؤمنات المخاطبات بهذا النهي، وما ملكت أيمانهم، والتابعين غير أولي الإِربة، والأطفال؛ فالنساء المستثنيات إن تبين فيهن أنهن عموم المؤمنات والكافرات، فالجواز، وان لم يتبين فيهن ذلك، يعني النهي عن الإِبداء لكل أحد مطلقًا كما كان، فنظرنا في قوله تعالى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]، فوجدناه يحتمل أن يكون المراد به: المسلمات، أي: نسائهن اللاتي على دينهن، ويحتمل أن يريد أعم من هذا، وهو النساء كلهن، وهو أبعدها، واللفظ ناب عنه.
فإن كان المراد الأول، فالقول بالمنع ظاهر، وان كانت مجملة لا يتبين
1 / 67