194

التنزيل، فلو كانوا من جملة المؤمنين (1) لما منعهم رسول الله صلى الله عليه وآله من الوفاء بشرط الله عليهم في القتال، ولا حال بينهم وبين التوصل بالجهاد إلى ما وعد الله عليه أهل الايمان من عظيم الثواب، في محل النعيم والاجر الكبير، الذي من ظفر به كان من الفائزين، لانه صلى الله عليه وآله إنما بعث بالحث على أعمال الخيرات، والاجتهاد في القرب والطاعات، والترغيب في بذل النفوس في جهاد الاعداء، وإقامة المفترضات. ولما وجدناه قد منع هذين الرجلين من الجهاد، وحبسهما عما ندب إليه خيار (2) العباد، دل على أنهما بخلاف صفات من اشترى الله تعالى نفسه بالجنة من أهل الايمان، وهذا واضح لذوي العقول والاذهان. ويزيد ذلك بيانا انهزامهما مع المنهزمين في يوم احد، وفرارهما من مرحب يوم خيبر، وكونهما من جملة المولين الادبار في يوم الخندق، وأنهما لم يثبتا لقرن قط، ولا بارزا بطلا، ولا أراقا في نصرة الاسلام دما، ولا احتملا في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله ألما، وكل ذلك يؤكد ما ذكرناه في معناه، ويزيل عن ذوي الاعتبار الشبهات فيما ذكره أهل الضلالات. وأما قولهم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله صانهما عن البذل في الحرب، وأشفق عليهما من ضرب السيف، فهو أوهن كلام وأضعفه، وذلك أنه صلى الله وآله عرض في ذلك اليوم عمه حمزة أسد الله وأسد رسوله للحرب، وبذل إليها أخاه وابن عمه وصهره وأحب الخلق إليه أمير المؤمنين علي

---

(1) " الذين نعتهم الله.. جملة المؤمنين) ليس في ب، ح، م. (2) في ب، ح، م: حيال (*).

--- [ 196 ]

صفحه ۱۹۵