مكروه ولا قادح في فضيلة الراقد عليه.
وقوله: (نم يا رسول الله، وأنا أنفض ما حولك) يريد بقوله أنفض: أتطلع وأفتش؛ ونفض الأرض: أن تنظر هل فيها ما يخاف؟
يقال: نفضت ثوبي، وأراد (٨/ أ) مطمئنا متودعا في نومه غير منزعج لما حوله.
وقوله: (فقام رسول الله ﷺ) هذا يدل على ثقته بأبي بكر الصديق ﵁، وأنه آمنه على نفسه لكونه نام ﷺ وهو ناطوره وطليته.
وقوله: (فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة)، وهذا يدل على فقه أبي بكر ﵁ وتحرجه، وأنه إنما سأل تحرجا من أن يكون لأحد من أهل المدينة؛ لكونهم قد فشا فيهم الإسلام فلا يجوز التعرض له إلى بإذن كما فعل، فحينئذ قال له: أفي غنمك لبن؟
وهذا من حسن الأدب أن تكون المسألة درجات، إذ لو قال له: ما في غنمي لبن لأمسك، ولم يقل له: أفتحلب لي؟ ولو قال له: أفتحلب لي؟ - قبل سؤاله أفي غنمك لبن؟ - لم يأمن أن يقول: ما في غنمي لبن، وهذا الكلام فيه إشارة إلى أنه استعمله حاله، وهل هو مأذون له في الحلب، لأن قوله: (أفتحلب لي؟) يفهم منه: أفلك أن تحلب لي؟
وقوله: (فقلت: انفض الضرع من الشعر والتراب) فيه من الفقه:
* أن النظافة- ولاسيما لضيف الإنسان وأخيه وصاحبه المؤمن- عبادة لله ﷿، ولذلك قال: (انفض الضرع من الشعر والقذى).
قال: (فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى) يصف النفض، وليس لجاهل أن يقول هذا نبي وصديق فماذا يضرهما أن لو وقع في الإناء تراب أو قذى؟
1 / 59