أسري به في بعض ليلة، لأنه لو قال: أسرى بعبده، ولم يقل ليلا، انصرف إلى الليل كله ويوضح هذا قوله: أسرينا ليلتنا يعني كلها.
ثم قال: (حتى إذا قام قائم الظهيرة)؛ وقائم الظهيرة: شدة الحر- (وخلا الطريق)؛ والطريق يذكر ويؤنث- ومثلها السبيل.
وقوله: (رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد):
* فقوله: رفعت لنا، أي نظرناها من بعيد، وكذا كل سائر في الأرض يرفع له الأشخاص كلما دنا منها.
وقوله: لم تأت عليه الشمس بعد، فهذا احتراز في النطق؛ لأنه صديق فلا يقول إلا ما يخرج عن الاحتمال، إذ لو قال لم تأت عليه الشمس وأمسك، لكان يفترض أن تقول: قد أتت الشمس أمس. وفي هذا من الفقه:
* أن الجلوس في الظل خير من الجلوس في الشمس إلا لمن يريد الدفء فيكون ذلك كقوله: ﴿فسقى لهما ثم تولى إلى الظل﴾؛ وذلك أن الظل يستدعي الراحة والنوم، والنوم قد يكون في وقت عبادة لله ﷿ إذا أراد به العبد أن ترد قواه التي يعبد بها ربه ﷾، وليتعرض للرؤيا الصالحة التي هي بشرى من الله تعالى في النوم، ولقاء إخوانه المؤمنين.
وقوله: (فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا)، فيه من الفقه:
* أن المؤمن قد يسوي تحته ليعدل ما يماس جلده؛ لئلا يزعجه الحصى ويمنعه من النوم.
* وقوله (ثم بسطت عليه فروة)، وهذا يدل على أن تليين المضجع وتوثيره غير
1 / 58