وكان أبو حنيفة يدعو إليه سرا ويكاتبه، وكتب إليه: " إذا أظفرك الله بعيسى بن موسى وأصحابه فلا تسر فيهم بسيرة أبيك في أهل الجمل، فإنه لم يقتل المنهزم، ولم يغنم الأموال، ولم يتبع مدبرا، ولم يذفف على جريح، لأن القوم لم يكن لهم فئة، ولكن سر فيهم بسيرته يوم صفين فإنه ذفف على الجريح، وقسم الغنيمة؛ لأن أهل الشام كان لهم فئة ". فظفر أبو جعفر بكتابه فستره، وبعث إليه فأشخصه وسقاه شربة فمات منها، ودفن ببغداد.
وبعث أبو جعفر [المنصور] إلى البصرة: المعروف بأبي سيف مولى الجعفري ليتحسس له ويعرفه أحوال إبراهيم عليه السلام، فلما رجع إليه قال له أبو جعفر: كيف رأيت بشيرا الرحال ومطرا الوراق فقال: رأيتهما يدخلان إلى إبراهيم وعليهما السلاح. فقال: ما كنت أرى أن الصوم أبقى منهما ما يحمل به السلاح.
وبايعه: هارون بن سعد وكان فقيها معروفا بالصلاح والدين، قد روى عن الشعبي ولقي إبراهيم النخعي.
وخطب إبراهيم بن عبد الله عليه السلام الناس ونعى على أبي جعفر أفعاله وقتله آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ، وظلم الناس، وأخذه الأموال ووضعها في غير مواضعها، فأبلغ في القول حتى أبكى الناس، ورقت لكلامه قلوبهم، فاتبعه: عباد بن العوام، ويزيد بن هارون، وهشيم بن بشير، وشعبة بن الحجاج، وبايعوه.
صفحه ۶۵