[مقدمة المؤلف]
الحمد لله الذي اصطفى من عباده لتبليغ رسالته الأنبياء والمرسلين، واختار لسياسة أمة نبينا من ذريته الأئمة السابقين، صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
هذا جوامع الكتاب الكبير الذي كنا بدأنا بجمعه في أخبار الأئمة الهادين، الذين أوجب الله طاعتهم، وفرض على مذهب الزيدية اعتقاد إمامتهم، دون سائر الذرية، الذين انتهجوا منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخروج على الظلمة من غير ادعاء الإمامة، والتكفل بالزعامة، لقصورهم عن شرائطها واستكمال الخصال الموجبة لها، فإن أصحاب الأخبار والتاريخ الذين صنفوا كتب المبيضة، وجمعوا أخبار من ظهر من العترة على طبقاتهم، لم يميزوا الأئمة منهم عمن سلك مسلك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويسهل السبيل لصاحب الحق، ويمهد بقمع الظلمة قدمه، وعلم الدين ينصبه، إذ كان غرضهم فيما جمعوا سرد أخبار الخارجين منهم، والثائرين من جماعتهم، في أيام بني أمية وبني العباس، دون الإبانة عن أحوال الأئمة السابقين، ومن وجبت طاعته من أهل هذا البيت الطاهرين، وكانوا بين متنكب لطريقة الزيدية فلا يهتم بهذا الشأن، وبين متمسك بمذهبهم لا يكمل لهذا البيان، ورسمناه بكتاب (الحدائق في أخبار ذوي السوابق) من آل الرسول صلى الله عليه وعليهم.
صفحه ۱۹
فلما انتهينا منه إلى أخبار الحسين بن علي صلوات الله عليهما شغلت عن إتمامه شواغل، ودعت إلى التوفر على تصنيف غيره وإملائه دواع، فجعلنا هذا المختصر كالجوامع منه؛ لو كنا أتممناه، وأودعناه ما تمس الحاجة إليه من معرفة: أسمائهم، وأنسابهم، وأسماء أمهاتهم، ومدة ولايتهم، ومبلغ أعمارهم، ومواضع قبورهم، وما يتصل بذلك، ونحونا في ترتيبهم النسق الذي أورده الهادي إلى الحق أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام في أسمائهم إلى زمانه، في صدر كتاب (الأحكام)، ثم ذكرناه ومن بعده منهم، مفتتحا بأمير المؤمنين وسيد المسلمين: علي بن أبي طالب عليه السلام، ومختتما: بالمهدي لدين الله أبي عبد الله حمد بن الحسن الداعي إلى الحق رضوان الله عليه.
وأرجو أن يعين الله من بعد على تمام الكتاب المبسوط، فإن من ينظر فيه يطلع من سيرهم على روضة العلم الغزير، والدين الرصين، والفضل الشهير، والمقامات الشريفة الجامعة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في اختيار الزهد في الدنيا، وإيثار الآخرة على الأولى، وبذل المهجة في الذب عن الإسلام والمسلمين، والاجتهاد في إحياء سنن العدل، وإماتة رسوم الجور، ومحو آثار الظلم، وحسم مواد الفساد والمفسدين، على قدر الوسع والتمكن، فيصدر عن استفادة غوامض العلم وغرائب الحكمة، وإذا قابل بها أخبار من نسبهم جهال هذه الأمة إلى الخلافة، واعتقدوا فيهم الإمامة والزعامة، هجم منها على ما أصون لساني عن ذكره.
ومن شك فيما ذكرت فليرجع إليها فهي غير خافية ولا مشكلة، ونسأل الله التوفيق لما يقربنا من رضاه، ويبعدنا من سخطه، وأن يجعل ما نقوله ونتصرف فيه خالصا لوجهه إنه سميع مجيب.
صفحه ۲۰
الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
هو: أبو الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف وقيل في اسمه: المغيرة بن عبد المطلب شيبة الحمد وقد قيل في اسمه: عامر بن هاشم أبي نضلة عمرو العلاء بن عبد مناف وهو: المغيرة بن قصي وهو: زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن الب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم. فهو يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله من قبل الأب في عبد المطلب، ومن قبل الأم في هاشم، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي.
وولدته صلوات الله عليه في الكعبة؛ لأنه لما ضربها الطلق واشتد بها، لجأت إليها اعتصاما ببركتها، فولدته عليه السلام فيها، ثم أسلمت، وهي أول امرأة بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله لما دعا النساء إلى البيعة، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها، وكفنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بقميصه، واضطجع في لحدها، وقال: " أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع الله ذلك عليها ".
صفحه ۲۱
[مولده]
ذكر أصحاب التاريخ أنه عليه السلام ولد في اليوم السابع من أيلول، وأنشدني إسماعيل بن عباد أبو القاسم إسماعيل بن عباد نفع الله بصالح عمله في هذا المعنى لنفسه:
يا مغفل التاريخ من جهله .... وليس معلوم كمجهول
إن علي بن أبي طالب .... مولده سابع أيلول
وقال لي: كان يزل هذا التاريخ عن حفظي؛ فأردت أن أقيده بالشعر فنظمته.
وسبق عليه السلام إلى الإسلام جميع الرجال، لأنه أسلم يوم الثلاثاء ثاني مبعث النبي صلى الله عليه وعلى أهله، وله اثنتا عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة سنة، ولم يخالف في هذا إلا بعض من لا يعتد بقوله من معاندي النواصب، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله أخذه من أبي طالب تخفيفا عنه في سنة القحط، فرباه في حجره المطهر صلى الله عليه وعلى آله؛ فتخلق بأخلاقه، وظهرت فيه آثار بركاته.
وزوجه صلى الله عليه وعلى آله فاطمة صلوات الله عليهما في آخر صفر سنة اثنتين من الهجرة، وبنى بها بعد بدر بأربعة أشهر، وكان خطبها أبو بكر وعمر، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: " أنتظر القضاء ".
صفحه ۲۲
بيعته عليه السلام
بويع له عليه السلام بالخلافة يوم الجمعة بعد العصر بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، لثماني عشرة خلت من ذي الحجة على أثبت الروايات سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وهو اليوم الذي قتل فيه عثمان، وبويع له أيضا من غداة يوم السبت، وروي أن البيعة امتدت ثلاثة أيام، وأن ابتداء البيعة كان في حائط لبني مازن، وقد كان خرج إلى هناك هاربا مما كان يلتمس منه من البيعة، ثم جاؤا إلى المسجد فبايعوا هناك البيعة العامة.
وأول من بايعه: طلحة، ثم الزبير، ثم من حضر من المهاجرين والأنصار والعرب والعجم، وقد كان يأخذ البيعة على الناس: عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان.
صفحه ۲۳
صفته عليه السلام
قال أبو إسحاق السبيعي فيما روينا عنه : أدخلني أبي المسجد يوم الجمعة، فرفعني حتى رأيت عليا شيخ أصلع، ناتي الجبهة، عريض ما بين المنكبين، له لحية قد ملأت صدره، في عينه اطرغاش قال داود بن عبد الجبار راوي الخبر عن أبي إسحاق: يعني لينا في العين ، فقلت لأبي: من هذا يا أبه؟ فقال: علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وختن رسول الله، وأخو رسول الله، وأمير المؤمنين.
صفحه ۲۴
مدة خلافته عليه السلام بعد البيعة
كانت البيعة كما ذكرنا يوم الجمعة لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وضرب ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان.
توفي ليلة إحدى وعشرين من الشهر على أثبت الروايات، سنة أربعين من الهجرة، فكانت هذه الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وأياما على أصح الروايات.
صفحه ۲۵
أولاده عليه السلام:
الحسن، والحسين صلوات الله عليهما، والمحسن درج صغيرا، وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى، أمهم فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليهم أجمعين.
ومحمد أبو القاسم أمه خولة ابنة جعفر بن قيس من بني حنيفة ثم من بني بكر بن وائل.
والعباس، وعثمان، وجعفر، وعبد الله قتلوا مع الحسين صلوات الله عليهم، أمهم أم البنين بنت حزام من ولد عامر بن صعصعة.
وأبو بكر، وعبيد الله أمهما ليلى ابنة مسعود من ولد خثعم بن أنمار بن نزار.
وعمر، ورقية أمهما الصهباء، وهي: أم حبيب ابنة حبيب من ولد تغلب بن وائل.
وعمر الأصغر لمصطلقية.
ومحمد الأوسط، ومحمد الأصغر، وعمر الأوسط على قول بعضهم، والعباس الأصغر، وجعفر الأصغر لأمهات أولاد شتى.
وعبد الرحمن، وأمه أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله فهي ابنة أخت فاطمة صلوات الله عليها، وكانت أوصت إليه عليهما السلام بأن يتزوج بها بعدها.
ويحيى، وعون درجا صغيرين، أمهما أسماء بنت عميس من ولد خثعم بن أنمار بن نزار.
فهؤلاء عشرون ابنا وهم أكثر المعدودين من أولاده الذكور، ومن أصحاب الأنساب من لم يعد محمد الأوسط والأصغر، ولم يذكر عمر الأوسط، ومنهم من لم يذكر إلا عمر المعقب.
والعقب لخمسة منهم، وهم: الحسن، والحسين عليهما السلام، ومحمد، والعباس، وعمر.
صفحه ۲۶
والبنات اثنتنان وعشرون بنتا، على اختلاف في ذلك بين أهل النسب: زينب الكبرى، قد روت عن أمها فاطمة عليها السلام غير حديث، والصغرى، وأم كلثوم الكبرى، والصغرى، ورملة الصغرى، والكبرى، ورقية الكبرى، ورقية الصغرى، وأم هاني الكبرى، والصغرى، وأم الكرام، وأم أبيها، وجمانه، وأم جعفر، وقد اختلف أهل النسب فيها، فمنهم من يقول: جمانه هي أم جعفر، وهو قول يحيى بن الحسن العقيقي وابن الكلبي يقول: جمانه غير أم جعفر. وأم سلمة، ونفيسه، قال يحيى بن الحسن العقيقي: نفيسه هي أم كلثوم الصغرى. وقال غيره: هي غيرها.وميمونة، وليلى، وأم الحسن، وفاطمة، وخديجة، وأمامة.
والعقب لأربع منهن، وهن: زينب الكبرى، عقبها في ولد عبد الله بن جعفر، وزينب الصغرى عقبها في ولد محمد بن عقيل، ولدت له عبد الله بن محمد بن عقيل، وأم الحسن عقبها في ولد جعدة بن هبيرة، ابن أخت علي عليه السلام، وفاطمة عقبها في ولد سعيد بن الأسود بن أبي البختري، والبواقي منهن من لم يتزوج، ومنهن مزوجات من ولد عقيل والعباس بن عبد المطلب وقد انقرض عقبهن.
صفحه ۲۷
عماله عليه السلام
كاتبه: عبيد الله بن أبي رافع، وحاجبه: قنبر مولاه، وعامله على مكة: معبد بن العباس بن عبد المطلب، وعلى المدينة: قثم بن العباس، وعلى اليمن: عبيد الله بن العباس، هذه رواية الزبير بن بكار، وروى غيره أن مكة والطائف ونواحيها كان عليها: قثم بن العباس، وكان على المدينة: أبو أيوب الأنصاري، وهذا أظهر. وعلى مصر: قيس بن سعد، ثم ولى محمد بن أبي بكر عليها، ثم ولى الأشتر عليها فلم يصل إليها وسم في الطريق بحيلة من معاوية. وعلى البصرة: عثمان بن حنيف قبل وقعة الجمل، ثم عبد الله ابن العباس بعده.وأبو الأسود الدؤلي على القضاء بها، وعلى قضاء الكوفة: شريح بن الحارث. وعلى فارس وكرمان ونواحيها: زياد...... وعلى خراسان: جعدة بن هبيرة، وخالد بن قرة اليربوعي. وعلى المدائن : سعيد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيد.
صفحه ۲۸
مقتله صلوات الله عليه ومبلغ عمره وذكر موضع قبره
ضربه صلوات الله عليه ابن ملجم لعنه الله ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان على باب المسجد.
ودلت الأخبار على أنه عليه السلام دفن أولا في الرحبة مما يلي باب كندة، ثم نقل ليلا إلى الغري ليخفى موضع قبره، وهذا هو السبب في اشتباه موضع قبره على كثير من العامة، ثم انضاف إليه تظافر النواصب على تقوية هذه الشبهة وادعائهم أن موضع القبر غير معلوم، تنفيرا للناس عن الزيارة، واغتياظا من اجتماع الناس في المشهد المقدس وعمارته بذكر آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.
ومن المشهور عن زيد بن علي رضي الله عنه أنه قال لأصحابه وهم يسلكون معه طريق الغري : " أتدرون أين نحن؟ نحن في رياض الجنة نحن في طريق قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه ".
ومن المعلوم الذي لا يخفى على من نظر في الأخبار أن جعفر بن محمد رضي الله عنه حضر الموضع وزاره، وقال لابنه إسماعيل: " هذا قبر جدك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ".
وقد روينا عن الحسن بن علي صلوات الله عليهما أنه قال: " حملناه ليلا ودفناه في الغري ".
صفحه ۲۹
فلولا جهل هؤلاء الحشو الطغام واستيلاء العناد عليهم لاكتفوا في هذا المشهد بشهادة الحسن بن علي رضي الله عنهما، وشهادة زيد بن علي عليهما السلام، وجعفر بن محمد رضي الله عنه، ولكنهم قد أنسوا بمخالفة آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله في كل شيء، حتى في مواضع قبورهم ?ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون? [التوبة: 32] وكم قد جرى من أمثال هذا العناد والقصد إلى إخفاء آثار هذه الذرية الطاهرة، ومحو مآثرهم من المتغلبين في الدنيا، كخلفاء بني أمية، ومن سلك سبيلهم وزاد عليهم من خلفاء بني العباس، فأبى الله إلا رد كيدهم في نحورهم وعكس ما دبروه وحاولوه عليهم، فآثارهم مطموسة، وقبورهم مجفوة مجهولة مع حصول الملك فيهم وبقاء سلطانهم.
وآثار هذه العترة الطاهرة لا تزيدها الأيام إلا إشراقا وظهورا وضياء ونورا.
هذا الرضا علي بن موسى عليهما السلام دفنه المأمون في الموضع الذي دفنه فيه ب(طوس) إلى جنب أبيه إظهارا لإكرامه والرفع منه، فمنذ دفن عليه السلام فيه نسب المشهد إليه، بل صار الموضع مشهدا له، حتى أن أكثر الناس لا يعرف أن هارون مدفون هناك.
ومن يعرف ذلك من مخالفي الشيعة والمنحرف عن مذهب أهل البيت صلوات الله عليهم والمعتقدين لإمامة غيرهم يدخل ذلك المشهد أكثرهم زائرين للرضا عليه السلام، ومتبركين به، وراجين استجابة الدعوة فيه، ومستنجحين للحاجات عنده، فلا يلتفتون إلى قبر هارون ولا يعتدون به، وهؤلاء ولاة خراسان ووزراؤهم، وكتابهم، وقوادهم، وفقهاؤهم، وتناؤهم، وخواص أهلها، وعوامهم على طوال الدهر لا ينسبون المشهد إلا إليه ولا يعرفونه إلا به، وخراسان منشأ الدعوة العباسية، وأهلها أنصار دولة المسودة.
وفي هذا عبرة لمن اعتبر، ودليل على أن أمر الله عز وجل فوق كل أمر.
توفي عليه السلام وله أربع وستون سنة، سنة أربعين، وقد قيل غير هذا، وهذا أصح.
صفحه ۳۰
الإمام الحسن بن علي عليه السلام
هو: أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه هم حين ولد بأن يسميه: حربا، وقال: كنت رجلا محرابا فهممت حين ولد الحسن بأن أسميه حربا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله حسنا، وسماه أيضا سيدا، فقال: " ابني هذا سيد ".
وأمه: فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، تكنى: أم أبيها، وأمها خديجة، وتكنى: أم هند ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
ولد: عليه السلام بالمدينة، للنصف من شهر رمضان، سنة ثلاث من الهجرة عام أحد بعد الوقعة، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وآله كبشا في اليوم السابع، وروي كبشين، وأمر بحلق شعره وتصدق بوزنه فضة على المساكين، وقد ذكر آل الحسن عليه السلام أنه ولد لسبعة أشهر.
صفحه ۳۱
صفته عليه السلام
كان يشبه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله من أعلاه من عند رأسه إلى سرته، وكان أبيض اللون، حسن الوجه، فصيح اللسان، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله فيه: " له هيبتي وسؤددي ".
صفحه ۳۲
بيعته عليه السلام
بويع له صلوات الله عليه يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربعين، بعد دفن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وبعد أن صعد المنبر فخطب خطبته المشهورة، ولما فرغ منها قام عبد الله ابن العباس بين يديه يدعو الناس إلى بيعته ويأخذها عليهم.
وأسرع الناس إلى بيعته، فبايعه: قيس بن سعد بن عبادة، وسليمان بن صرد الخزاعي، والمسيب بن نجبة الفزاري، وسعد بن عبد الله الحنفي، وحجر بن عدي الكندي، وعدي بن حاتم، ووردت عليه بيعة أهل مكة والمدينة وسائر الحجاز والبصرة واليمامة والبحرين، وزاد عليه السلام المقاتلة حين وقوع البيعة مائة مائة فتبعه الخلفاء على ذلك، وهو أصل ما يسمى الآن: مال البيعة.
صفحه ۳۳
مدة خلافته عليه السلام
كانت بيعته يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان سنة أربعين، واضطرته الحوادث المشهورة، والموانع المعروفة من خذلان أكثر أصحابه له، واستئمان صاحب جيشه إلى معاوية إلى اعتزال الأمر ومصالحة معاوية، وتقرر ذلك غرة ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين.
وكانت مدة خلافته عليه السلام خمسة أشهر وأياما، وقد روي أن ذلك تقرر في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين، وعلى هذا القول تكون مدة الخلافة ستة أشهر وأياما.
صفحه ۳۴
أولاده عليه السلام
الحسن بن الحسن وهو الحسن الثاني، وأمه خولة بنت منضور بن زبان الفزاري، وكان وصي أبيه ووالي صدقته، وزيد بن الحسن وأمه أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة من ولد الحارث بن الخزرج، وعمرو، والقاسم، وأبو بكر، قتلا بالطف مع عمهما، وعبد الله، قتل بالطف، وعبد الرحمن، والحسين الأثرم، وطلحة وهو طلحة الجود، ذكره محمد بن حبيب في الطلحات المعدودين في الأجواد، وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، وإسماعيل، ويعقوب، ومحمد، وجعفر، وحمزة، لأمهات أولاد، فهؤلاء أربعة عشر ابنا.
العقب منهم لاثنين: الحسن بن الحسن، وزيد بن الحسن، وانقرض اثنان منهم، وهما: عمرو بن الحسن، والحسين الأثرم بن الحسن، وقد اتصل عقبهما إلى أوائل أيام بني العباس ثم انقرض، والباقون درجوا.
والبنات ثمان: فاطمة، وأم عبد الله، وزينب، وأم الحسن، وأم الحسين، وأم سلمة، ورقية، وفاطمة الصغرى.
أعقبت منهن أم عبد الله لأم ولد، وكانت عند علي بن الحسين عليه السلام، فولدت له: حسنا وحسينا الأكبر درجا، ومحمد الباقر، وعبد الله ابني علي بن الحسين.
صفحه ۳۵
عماله عليه السلام
عماله: عمال أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، وكاتبه: عبيد الله بن أبي رافع كاتب أبيه صلوات عليه.
والنافذ على مقدمته عند خروجه لحرب معاوية: عبيد الله بن العباس، وعقد لقيس بن سعد لواء وضمه إليه، وقال لعبيد الله: إن أصبت فقيس على الجيش، فإن أصيب قيس فسعيد بن قيس الهمداني.
والذين أنفذهم لاستنفار الناس: معقل بن قيس الرياحي، وشريح بن هانئ الحارثي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وخليفته على الكوفة حين خرج عنها لحرب معاوية: المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم إليه.
صفحه ۳۶
مقتله عليه السلام ومبلغ عمره وموضع قبره
سمته امرأته جعدة بنت الأشعث باحتيال من معاوية عليها ووعده لها أنه يزوجها من يزيد، وبذل لها مائة الف درهم، فوفى بالمال ولم يف بالتزويج، وقد كان سقي السم ثلاث مرات.
وتوفي بالمدينة وله سبع وأربعون سنة، وقيل: ست، وقيل: خمس، سنة إثنتين وخمسين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة تسع وأربعين، إختلفوا في تاريخ موته حسب اختلافهم في مبلغ عمره.
وكان أوصى بأن يدفن إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله إلا أن يخشى وقوع نزاع أو قتال في ذلك. فلما كان من مروان وغيره من المنع من ذلك ما كان، دفن بالبقيع، وقبره عليه السلام ظاهر هناك.
صفحه ۳۷
الإمام الحسين بن علي عليه السلام
هو: أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما.
وأمه: فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله. ولدته عليه السلام بعد ولادة الحسن في شعبان لخمس خلون منه سنة أربع من الهجرة، وعلقت به بعد ولادة الحسن بخمسين يوما، وكان بين ولادته وبين العلوق به طهر واحد، وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله بأن يحلق شعره في اليوم السابع ويتصدق بوزنه فضة، وعق عنه كبشا.
صفحه ۳۸