بيعته عليه السلام
ورد عليه السلام الكوفة، ثم خرج منها متوجها إلى المدينة، فلما حصل ب(القادسية) تبعه جمع كثير من أهل الكوفة يسألونه الرجوع ويبذلون له الجهاد بين يديه، فعاد إليها مستترا، وكان يتوارى في مواضع مختلفة.
وبايعه جمهور أهل الكوفة وكثير من فقهائها، وكانوا يختلفون إليه سرا، ثم أنفذ الدعاة إلى البلدان فاستجاب له عالم من الناس، وأتته البيعة من الآفاق، واشتمل ديوانه على أسماء خمسة عشر ألفا ممن بايعه من أهل الكوفة سوى ما ورد عليه من بيعة سائر البلدان.
ومن الفقهاء الذين اختلفوا إليه وأخذوا عنه: أبو حنيفة، وأعانه بمال كثير، وبايعه منهم: سلمة بن كهيل، ويزيد بن أبي زياد، وهارون بن سعد [العجلي]، وأبو هاشم الرماني، ومنصور بن المعتمر.
وأقام بالكوفة مشغولا بالدعوة وأخذ البيعة أحد عشر شهرا إلا نحو شهرين غاب فيهما إلى البصرة.
وكان وعد أصحابه للظهور ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، فأحوج إلى الظهور قبل ذلك لوقوف يوسف بن عمر على أمره، فظهر ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم من دار معاوية بن إسحاق الأنصاري، ولم يجتمع إليه إلا عدد يسير ممن بايعه، ونادوا بشعار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: (يا منصور أمت).
فلما خفقت الرايات فوق رأسه قال: " الحمد لله الذي أكمل ديني لقد كنت استحيي من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أن أرد عليه ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر ".
ولما رأى عليه السلام تفرق الناس عنه. قال: " أحسبهم قد عملوها حسينية ". وبقي عليه السلام يغادي القتال ويراوحه يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة، فلما كان آخر النهار من يوم الجمعة جاءته نشابة فأصابت جبينه صلوات الله عليه.
صفحه ۴۶