وقالت الفلاسفة : محله الدماغ ودليلهم ما يعلم من كي دماغ متغير العقل وصلاحه به وذلك يدل دلالة ظاهرة على كونه فيه ولا حجة لهم في هذا إلا ما نقول له مادة من الدماغ ككي باطن العقب لبعض أوجاع البطن، وكالمجبوب فإنها لا تنبت لحيته والفساد وقع بالجب وموضع نبات الشعر سالم، لكن هناك مواد من ناحية الموضع الذي جب فلما انقطعت تلك المواد لم تنبت الشعر، فالشعر دليل على الذكر ولا بعدم الشعر مع وجود الذكر إلا في النادر من الناس ويقال له الكوسج الذي ذمه أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: لا يوجد في أربعين كوسجا رجل خير.
ثم اعلم إن الذين قالوا : بأن العقل عرض محله القلب كما هو المختار. اختلفوا في تعيينه فقال جمهور أئمتنا : إنه معنى غير العلوم العشرة الضرورية إذ هو مدرك وهي إدراك فهو في منزلة المعنى الموجود في الحدق وهي بمنزلة المشاهدة، وقال المهدي عليه السلام والمعتزلة : بل هو مجموع العلوم العشرة الضرورية وقد جمعها الإمام المهدي عليه السلام في قوله:-
فعلم بحال النفس ثم بديهة كذا خبرة ثم المشاهد رابع
ودائرة والقصد بعد تواتر جلي أمور والتعلق تاسع
وعاشرها تمييز حسن وضده فتلك علوم العقل مهما تراجع
بيانها : أما العلم بحال النفس فالمراد : علمه بكونه مريدا وكارها ومشتهيا ونافرا وغير ذلك.
ومعنى البديهة نحو : ما يعلم من أن العشرة أكثر من الخمسة.
والخبرة تعني : ما كان يستند إلى الخبرة والتجربة نحو كون الحجر تكسر الزجاجة والنار تحرق القطن.
والمشاهدة تعني : علم ما نشاهده وذلك واضح.
صفحه ۱۳