ويجوز له التيمم بالماء وهو أن يغسل وجهه أولا ثم يغسل يديه والأصل في هذا اختلافهم([6]) فيمن لم يجد الماء إلا قليلا ولا يكفي لجمع لجميع أعضائه قال بعضهم: يستعمل من الماء ما وجد حيث ما بلغ وما بقي ليس عليه منه شيء إذا أتى في ذلك على العضوين الوجه واليدين، وذكر هذا عن أبي عبيدة رحمه الله تعالى، وذكر الإمام رحمه الله تعالى في أجوبته مثل ذلك فقيل: أيتيمم؟ فقال: ليس عليه تيمم فإن فعل فحسن جميل([7]). وروي أيضا عن جابر بن زيد([8]) رحمه الله تعالى قال في الجنب الذي لم يجد من الماء ما يتوضأ به، قال: يتوضأ ويجزيه الوضوء، وعن ضمام بن السائب قال: خرجنا حجاجا ومعنا امرأة حائضة فطهرت من حيضتها ولم يكن معنا من الماء إلا القليل فأمرناها فاستنقت وتوضأت، وقدمنا إلى أبي الشعثاء بمكة فأعلمناه بالذي أمرنا به المرأة فقال: أصبتم أو قال: أحسنتم، وروي أيضا عن ابن عباس([9]) في الجنب الذي لم يجد من الماء إلا قدر ما يتوضأ به، قال: يتوضأ ويتيمم للجنابة والله أعلم. والدليل معهم أن الله عز وجل لم ينقلنا إلى التيمم إلا بعد عدم الماء بالكلية فمتى كان شيء منه وجب استعماله قال الله تعالى: { فلم تجدوا ماء فتيمموا } اسم شائع في كل الجنس يخرج على القليل والكثير ماء نكرة مستغرقة للجنس، وقال آخرون([10]): متى لم يجد من الماء ما يكفيه لوضوئه فليتيمم لأن الله تعالى لم يتعبدنا إلا بإحدى الطهارتين: الطهارة بالماء أو الطهارة بالتراب عند عدم ما يكفيه لوضوئه من الماء وذلك معنى قوله عز وجل: { فلم تجدوا ماء } عندهم فإن لم تجدوا من الماء ما تتطهرون به فتيمموا، وحمل الآية على ظاهرها عندي أولى وعلى مذهب الأولين لا يجوز له العدول إلى التراب إلا إن لم يجد الماء بالكلية وأما إذا وجد الماء ولو كان قليلا فإن كان قادرا على استعماله تطهر به أو إلى حيث بلغ فإن لم يكن قادرا على استعماله تيمم وصلى، والله أعلم.
صفحه ۳۰۶