الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
وَقَّاصٍ قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ رِجْلِي تَكَسَّرَتْ وَأَنِّي لَمْ أَفْعَلْ ".
وَسُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَنِ الْآثَارِ الَّتِي تَرَكُوا بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " أَثْبَتُ مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قُبَاءٌ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ مَجِيئَهَا، خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَّخَذَ سُنَّةً ".
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ: " كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِحَدِيثِ التَّوْسِعَةِ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ؛ قَالَ لِي: حَرِّقْ عَلَيْهِ، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَّخَذَ سُنَّةً ".
فَهَذِهِ أُمُورٌ جَائِزَةٌ أَوْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهُمْ كَرِهُوا فِعْلَهَا خَوْفًا مِنَ الْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا سُنَّةً إِنَّمَا هُوَ بِأَنْ يُوَاظِبَ النَّاسُ عَلَيْهَا مُظْهِرِينَ لَهَا، وَهَذَا شَأْنُ السُّنَّةِ، وَإِذَا جَرَتْ مَجْرَى السُّنَنِ؛ صَارَتْ مِنَ الْبِدَعِ بِلَا شَكٍّ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنَ الْبِدَعِ الْإِضَافِيَّةِ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّهَا بِدَعٌ حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ إِذَا عَمِلَ بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ، إِذْ لَمْ يَضَعْهَا صَاحِبُ السُّنَّةِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَصَارَتْ مِثْلَ مَا إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَاعْتَقَدَهَا عِبَادَةً؛ فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ، هَذَا إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهَا بِمَآلِهَا، وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهَا أَوَّلًا؛ فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ إِلَى بِدْعَةٍ أَصْلًا؟!.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ السُّؤَالَ صَحِيحٌ؛ إِلَّا أَنَّ لِوَضْعِهَا أَوَّلًا نَظَرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ حَيْثُ هِيَ مَشْرُوعَةٌ، فَلَا كَلَامَ فِيهَا.
وَالثَّانِي: مِنْ حَيْثُ صَارَتْ كَالسَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِاعْتِقَادِ الْبِدْعَةِ أَوْ
1 / 450