الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پژوهشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
مِنْ ذَنْبٍ يُخْرِجُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَبِدْعَةُ الْبَاطِنِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ لَيْسَ كَبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ.
وَوُجُوهُ التَّفَاوُتِ كَثِيرَةٌ، وَلِظُهُورِهَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ; لَمْ نَبْسُطِ الْكَلَامَ عَلَيْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ بِفَضْلِهِ.
[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُقَامُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ بِهَا]
وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ الْحُكْمُ فِي الْقِيَامِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْخَاصَّةِ أَوِ الْعَامَّةِ.
وَهَذَا بَابٌ كَبِيرٌ فِي الْفِقْهِ تَعَلَّقَ بِهِمْ مِنْ جِهَةِ جِنَايَتِهِمْ عَلَى الدِّينِ، وَفَسَادِهِمْ فِي الْأَرْضِ، وَخُرُوجِهِمْ عَنْ جَادَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَى بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].
وَهُوَ فَصْلٌ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ عَلَى التَّأْثِيمِ، لَكِنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعَبٍ كَثِيرَةٍ; مِنْهَا مَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُجْتَهِدِينَ وَأَهْلِ الْحِمَايَةِ لِلدِّينِ، فَهُوَ بَابٌ يَكْثُرُ التَّفْرِيعُ فِيهِ بِحَيْثُ يَسْتَدْعِي تَأْلِيفًا مُسْتَقِلًّا.
فَرَأَيْنَا أَنَّ بَسْطَ ذَلِكَ يَطُولُ، مَعَ أَنَّ الْعَنَاءَ فِيهِ قَلِيلُ الْجَدْوَى فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ; لِتَكَاسُلِ الْخَاصَّةِ عَنِ النَّظَرِ فِيمَا يُصْلِحُ الْعَامَّةَ، وَغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى الْعَامَّةِ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، بَلْ قَدِ انْقَلَبَ الْحَالُ إِلَى أَنْ عَادَتِ السُّنَّةَ بِدْعَةً وَالْبِدْعَةُ سُنَّةً، فَقَامُوا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقِيَامِ،
1 / 224