ابراهیم ابو الانبیا
إبراهيم أبو الأنبياء
ژانرها
حكم في دمشق، وكان مغيرا قدم من أرض بابل من البلاد التي تسمى بلاد الكلدانيين، ولم يمض عليه زمن طويل حتى هجرها وقومه إلى أرض كنعان - وتسمى اليوم يهودا - وفيها ذريته الذين سأكتب عنهم في كتاب آخر، ولا يزال اسم إبرام مشهورا في إقليم دمشق حيث تسمى إحدى القرى بمسكن إبرام.
ثم مضى زمن وأصاب كنعان القحط، وسمع إبراهيم برخاء المصريين، فاعتزم الهجرة إلى مصر ليصيب من خيراتها، ويسمع ما يقوله أحبارها في أمر الله، وفي نفسه إذا علم من كلامهم ما هو خير مما عنده أن يتقبله، أو يرى أن عقيدته خير مما عندهم فيدعوهم إليها.
وأخذ سارة معه، وخاف ولع المصريين بالنساء، وأن يغصبه عليها الملك، ويقتله من أجلها لجمالها، فأوصاها أن تقول: إنها أخته، وحدث بعد وصوله إلى مصر كل ما توقعه، فتسامع الناس بجمال زوجته، ولم يقنع فرواثيس
4
ملك المصريين بالسماع، فهم بأخذها لولا أن الله أحبط جريمته بما فشا في مصر من الوباء والقلاقل، ثم قرب الملك قرابينه ليعلم حقيقة البلاء، فقال له الأحبار: إن البلاء من غضب الله؛ لأنه نوى في نفسه أن يغتصب امرأة رجل غريب ...
ولما بلغ منه الرعب سأل سارة: من هي؟ ومن هو الرجل الذي جاءت به معها؟ فاعتذر لإبراهيم حين علم جلية الخبر وقال له: إنه لم يتعلق بها إلا لظنه أنها أخته لا زوجته، وإنما أراد أن يبني بها ولم يرد أن يغتصبها في نزوة من نزوات هواه، ثم أغدق على إبراهيم ثروة جزيلة،
5
وطفق إبراهيم يباحث علماء مصر، وتزداد شهرته بالعلم والفضيلة.
ولما رأى إبراهيم أن المصريين متشبثون بعادات شتى يخالف بعضهم بعضا من جرائها، ويعادي بعضهم بعضا لأجلها؛ جعل يناقشهم فيها كل فريق على حدة، ويبدي لهم جميعا أنها ليست على شيء من الحق، ويحل بذلك منهم محل الإعجاب، فيعلمون أنه لم يكن على نصيب وافر من الفطنة وحسب، بل كان كذلك عظيم القدرة على إقناع سامعيه في كل موضوع تناوله ببحثه ، وقد أطلعهم على علم الحساب وقوانين الفلك، ولم يكن أحد من المصريين على علم بها قبل مقدم إبراهيم، وإنما جاءت من الكلدان إلى مصر، ثم من مصر إلى الإغريق.
ثم قسم الأرض بينه وبين لوط بعد عودته إلى أرض كنعان، وكان رعاتهم يتنازعون المرعى في مكان واحد، فجعل لوطا يختار ما يشاء، ورضي هو بما تركه له من منخفض الأرض في تابرو - حبرون - وهي أقدم من مدينة تانيس بسبع سنوات.
صفحه نامشخص