محيي الدين بن عربي
محيي الدين بن عربي
ژانرها
وهذه الحلاوة واللذة لا يمكن أن تشبهها لذة من اللذات المحسوسة؛ لأنها معنوية ربانية، وأثرها في الحس أعظم أثر تنعم به النفس.
وأعظم مذاق لها تنعمت فيه في هذا المقام لما تلي علي:
ن والقلم وما يسطرون ؛ فلم أجد لذة من اللذائذ التي نعمت بها أعظم منها، فلما تلي:
وإنك لعلى خلق عظيم
ذهبت إلى حال من النعيم أعجز عن وصفه؛ فهي أعظم بشارة وردت علي، فالمؤمن فرح بما يوهب لرسوله، والمؤمن الكامل له أمل في قطرات من تلك الهبات.
فإذا عطف الحق على عبده بهذه الحلاوة فجذبه إليه بها، منحه علما لم يكن عنده، فإذا لم يكن علما فليس بجذب، ولا تلك حلاوة فتح.»
والحلاوة التي يقصدها محيي الدين، هي اللذة التي يعبر عنها إبراهيم بن أدهم بقوله: «نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.» وإبراهيم ذاق اللذتين: لذة الملك، وحلاوة الفيض. وهي لذة يقول عنها بعض الربانيين: إنها خلاصة نعيم الجنة المصفى يقطر في قلب المؤمن المختار.
وتلك اللذة الربانية في الدنيا يصحبها الكشف والعلم، فإذا لم يصاحبها علم ولا كشف؛ فهي ليست بحلاوة الفتح؛ وإنما هي لذة خداعة من لذائذ الحس.
مقام الفناء
وهو مقام المقامات، وهبة الهبات، ودرجة المحبين الوالهين الذاهلين عن وجودهم بذهاب حسهم إلى باريهم، وحال الفناء: هو أن تفنى بالله عن خلقه؛ فلا ترى شيئا مع الله، بل الوجود هو رب الوجود، وواهب الوجود وخالقه، أو كما يقول أبو بكر - رضوان الله عليه: «ما رأيت شيئا إلا رأيت الله سبحانه قبله.»
صفحه نامشخص