إلا المتقون». ﴿ووقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين﴾. وعلم أن الملازمة بين أهل البيت المذكورين أولا ومن تبعهم وبين القرآن ملازمة صحيحة. فكل من تمسك منهم بالقرآن حتى مات صدق عليه أنه لم يفارق القرآن ولم يفارقه القرآن حتى لقي الله. فلو فرضنا مثلا إنه لم يوجد من أهل بيته إلا الموجودون حال إشارته إليهم والوصية بالتمسك بهم ثم ماتوا، لصح أن يقال إن أهل البيت والقرآن لم يفترقا حتى وردوا القيامة، فكذلك إذا خالفهم طوائف الضالة من ذريتهم ولم يتبعوهم على ما كانوا عليه صاروا بمثابة المعدومين، ولا توارث بين أهل ملتين شتى.
أما الميراث الدنيوي فحكمه مبني على المخالفة الظاهرة بالكلية لأن أحكام الدنيا منوطة بالظواهر، حتى أنا نورث من قال لا إله إلا الله بلسانه وكفر بالله بجنانه وعصاه بأركانه، وأما في الميراث الديني فآله ﷺ الذين يرثون ميراثه كل بر تقي و﴿إن أولياؤه إلا المتقون﴾.
وإذا تقرر هذا فاعلم أنه ﷺ مأمور بالتبليغ وإقامة الحجة، وقد أطلعه الله على ما سيلقى علي وبنوه من المحنة وعدم اجتماع الكلمة عليهم، فأشار بهذه الوصية أن عليا كما أنه اليوم ملتزم لحكم الكتاب فإنه أيضا لا يزال كذلك إلى أن يلقى الله، فمتى دعاكم إلى طاعته فأطيعوه وندبكم إلى إجابته فاتبعوه، فإنه يدعوكم إلى حكم الكتاب، ويسلك بكم المحجة العظمى، ويهديكم إلى الصراط الأقوم وستجدونه هاديا مهديا. ولم تتفق من علي ﵁ دعوة إلى اتباعه ولزوم طاعته في مدة الخلفاء الثلاثة قبله باتفاق من الأمة. فلما آن أوان دعوته المشار إليها وبويع له بالخلافة لم ينازعه أحد قط في اسم الخلافة ولم يشك أحد في تأهله لها وأحقيته
1 / 114