حلل سندسیه
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
ژانرها
وركنها الثاني:
في بلد جليقية، حيث الصنم المشبه صنم قادس، مقابل جزيرة بريطانية.
وركنها الثالث:
بين مدينة نربونة، ومدينة برديل من بلد الفرنجة، بحيث يقرب البحر المحيط من البحر الشامي المتوسط فيكادان يجتمعان في ذلك الموضع فيصير بلد الأندلس جزيرة بينهما في الحقيقة، لولا أنه يبقى بينهما برزخ برية صحراء وعمارة مسافة مسيرة يوم للراكب منه المدخل إلى الأرض الكبيرة، التي يقال لها الأبواب، ومن قبله يتصل بلد الأندلس بتلك البلاد المعروفة بالأرض الكبيرة، ذات الألسن المختلفة.
قال: وأول من سكن بالأندلس على قديم الأيام، فيما نقلته الإخباريون، من بعد عهد الطوفان، على ما يذكره علماء عجمها، قوم يعرفون بالأندلش، معجمة الشين بهم سمي المكان، فعرب فيما بعد بالسين غير المعجمة، كانوا الذين عمروها، وتناسلوا فيها وتداولوا ملكها دهرا، على دين التمجس والإهمال والإفساد في الأرض، ثم أخذهم الله بذنوبهم، فحبس المطر عنهم، ووالى القحط عليهم، وأعطش بلادهم حتى نضبت مياهها، وغارت عيونها، ويبست أنهارها، وبادت أشجارها، فهلك كثرهم، وفر من قدر على الفرار منهم، فأقفرت الأندلس منهم وبقيت خالية، فيما يزعمون، مائة سنة وبضع عشر سنة، وذلك من حد بلد الفرنجة إلى حد بحر الغرب الأخضر وكان عدة ما عمرتها هذه الأمة البائدة مائة عام وبضع عشرة سنة. ثم ابتعث الله لعمارتها الأفارقة،
496
فدخل إليها بعد إقفارها تلك المدة الطويلة، قوم منهم، أجلاهم ملك أفريقية تخفيفا منهم، لإمحال توالي على أهل مملكته، وتردد عليهم، حتى كاد يفنيهم، فحمل منهم خلقا في السفن مع قائد من قبله يدعى أبطريقس، فأرسوا بريف الأندلس الغربي، واحتلوا بجزيرة قادس، فأصابوا الأندلس قد أمطرت وأخصبت فجرت أنهارها، وانفجرت عيونها، وحييت أشجارها، فنزلوا الأندلس مغتبطين وسكنوها معتمرين وتوالدوا فيها، فكثروا، واستوسعوا في عمارة الأرض، ما بين الساحل الذي أرسوا فيه بغربيها، إلى بلد الأفرنجة من شرقيها، ونصبوا من أنفسهم ملوكا عليهم، ضبطوا أمرهم، وتوالوا على إقامة دولتهم، وهم مع ذلك على ديانة من قبلهم من الجاهلية، وكانت دار مملكتهم «طالقة»؟ الخراب اليوم، من أرض أشبيلية، اخترعها ملوكهم وسكنوها، فاتسق ملكهم بالأندلس مائة وسبعة وخمسين عاما، إلى أن أهلكهم الله تعالى ونسخهم بعجم رومة، بعد أن ملك من هؤلاء الأفارقة في مدتهم تلك أحد عشر ملكا.
ثم صار ملك الأندلس إلى عجم رومة، وملكهم أشبان بن طيطش؟ وباسمه سميت الأندلس أشبانية. وذكر بعضهم أن اسمه أصبهان، فأحيل بلسان العجم، وقيل بل كان مولده بأصبهان، فغلب اسمها عليه؟
497
وهو الذي بنى أشبيلية، وكان أشبانية اسما خالصا لبلد أشبيلية، الذي كان ينزله أشبان هذا ثم غلب الاسم بعده على الأندلس كله. فالعجم الآن يسمونه أشبانية، لآثار أشبان هذا فيه، وكان أحد الملوك الذين ملكوا أقطار الدنيا، فيما زعموا، وكان غزا الأفارقة، عندما سلطه الله عليهم في جموعه ففض عساكرهم، وأثخن فيهم، ونزل عليهم بقاعدتهم «طالقة»
صفحه نامشخص