ليتحصَّل عند طالب الفقه ملكةً يعرف من خلالها كيفية التعامل مع نصوص الوحي، ومُكْنةً يقدر من خلالها استنباط أحكام ما لم ترد فيه النصوص، فيعبد الله على بصيرة، ويأمر بالمعروف على بصيرة، وينهى عن المنكر على بصيرة.
ولم يقصدوا من كتابة المختصرات أن يكون المقصد والمنتهى فيها معرفة عباراتها والوقوف على مفاهيمها، بحيث يتشاغل الإنسان بها عن الأحاديث والآثار والتفقُّه فيهما.
فإن مثل هذا الأمر هو الذي دعا الإمام أحمد ﵀ إلى إنكاره على وضع الكتب؛ فقد جاء عنه فيما نقله ابنه عبد الله في مسائله (ص ٤٣٧)، أنه قال: (كلما جاء رجل وضع كتابًا ويترك حديث رسول الله ﷺ وأصحابه)، وعاب وضع الكتب وكرهه كراهية شديدة.
ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀: (ولما حدث قليل من هذا، لا يشبه ما أنتم عليه في زمن الإمام أحمد، اشتد إنكاره لذلك)، ثم قال: (ولما ذكر له بعض أصحابه أن هذه الكتب فيها فائدة لمن لا يعرف الكتاب والسنة، قال: إن عرفت الحديث لم تحتج إليها، وإن لم تعرفه لم يحل لك النظر فيها) ينظر: الدرر السنية ١/ ٤٧.