هابیت و فلسفه
الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق
ژانرها
كانت نظرية أرسطو العظيمة تتمثل في إدراك أن التطور الأخلاقي عادة ما يحدث بالطريقة نفسها؛ فلكي ننمي فضيلة الانضباط الذاتي، لا تكفي الرغبة في أن تكون منضبطا ذاتيا، بل ينبغي أن نعمل عليها بتنمية عادات طيبة. وكما يقول مدرب كرة السلة الأسطوري ريك بيتينو: «العادات الجيدة تصنع النظام والانضباط في حياتنا ... وتصبح الصخرة؛ السلوك القياسي الذي يجب أن نتشبث به حتى لا نحيد عن المسار.»
35
يمكننا أن نرى عملية تكوين العادات الأخلاقية هذه في رواية «الهوبيت». فالتطور الأخلاقي لبيلبو يحدث تدريجيا مع تعلمه أشياء جديدة، فيجد نفسه يمر باختبارات، ويزداد ثقة بنفسه، وينمي عادات فاضلة. ومع اعتياد بيلبو على البرد والجوع والبلل، يقل تذمره ويصبح أكثر صلابة. ومع تدني معنويات رفاقه واستمرار حسن حظه اللافت، يصبح أكثر تشجيعا وأملا، بل يقتبس مقولة الفيلسوف الروماني سينيكا «أينما وجدت الحياة وجد الأمل» قبل أن يكون لسينيكا وجود!
36
ومع تكرار استجابة بيلبو للمواقف الخطرة ببسالة وفاعلية، تنمو ثقته بنفسه وينمي لديه عادة التصرف بشجاعة. وعندما يجد نفسه مجبرا بلا أدنى اختيار على أخذ زمام المبادرة، يصبح أكثر ارتياحا في دور القيادة وينمي عادة القيادة الخدمية. وعندما يعود إلى شاير، و«يرى النار والسيف اللذين طالما رآهما/والرعب بين الردهات الحجرية/وتقع عيناه أخيرا على المروج الخضراء/والأشجار والتلال التي لطالما عرفها»، يتعلم الامتنان والشكر الحقيقي للنعم البسيطة.
37
لقد تغير بيلبو بفضل مغامراته، وهذه التغيرات - كما نعلم في «سيد الخواتم» - كانت دائمة. يوجد مشهد مؤثر في الكتاب الأول من الرواية بعنوان «رفقة الخاتم» يتطوع فيه بيلبو، بعد أن يبلغ من العمر أرذله، لمحاولة تدمير خاتم القوة. وفي ريفيندل، حيث تقاعد بيلبو، يدعو إلروند لعقد مجلس لتقرير ما يفعلونه بالخاتم، فيقرر المجلس ضرورة حمل الخاتم إلى قلب موردور وإلقائه في نيران جبل ماونت دوم، حيث تم صنعه. وحين يلاحظ إلروند أن مهمة انتحارية كهذه «قد يقدم عليها الضعفاء الذين يحملون بداخلهم الأمل شأنهم شأن الأقوياء»، يتحدث بيلبو قائلا:
رائع، رائع يا سيد إلروند ... لا تقل المزيد! فما ترمي إليه شديد الوضوح. لقد بدأ بيلبو الهوبيت السخيف هذه القضية، ومن الأفضل أن ينهيها بيلبو، أو يقضي على نفسه. لقد كنت في غاية الراحة هنا، ومنسجما مع كتابي ... يا لها من ضوضاء مخيفة! متى ينبغي أن أبدأ؟!
حين سمع بهذا بورومير المحارب القوي القادم من جوندور، «بدا مندهشا من بيلبو، ولكن ماتت الضحكة على شفتيه حين رأى الآخرين ينظرون إلى الهوبيت العجوز باحترام وإجلال. وحده جلوين من كان يبتسم، ولكنها كانت ابتسامة منبعها ذكريات قديمة».
38
صفحه نامشخص