هابیت و فلسفه

شیما طه ریدی d. 1450 AH
172

هابیت و فلسفه

الهوبيت والفلسفة: حين تفقد الأقزام والساحر وتضل الطريق

ژانرها

4

على الرغم من أن ثورين يقصد توجيه تلك الكلمات في صورة مجاملة واضحة، فإنها تعكس تناقضا غريبا؛ فالإشارة إلى بيلبو بأنه طفل إنما يؤكد أنه «غير» محنك، أي شخص لا يدرك القوى التي تلاعب بها ليحقق نجاحا مبهجا، ربما تحقق عرضا. وفي الإيحاء بأن بيلبو لا ينبغي أن يقدر الذهب المكتنز، يعتذر ثورين عن توريط بيلبو من البداية. فقد كان الوعد بإعطائه نصيبا من المكاسب هو الوسيلة التي استخدمها ثورين في الأساس لإقناع الهوبيت بالانضمام إلى الرفقة.

إذن في النهاية، وبعد أن فات الأوان للقيام بأي شيء سوى المدح والثناء، يرى ثورين في بيلبو استيعابا للمباهج البسيطة الطفولية التي كبتها بداخله. وحتى على إدراكه بالانتصار العظيم الذي حققه لعشيرته من الأقزام، يرى ثورين في بيلبو فضائل تجعله يتساءل إن كان من الأفضل لو لم يكن قد بدأ المغامرة من الأساس.

ومن خلال رؤيتها في هذا الضوء، تعمل الصفحات الاستهلالية من رواية «رفقة الخاتم»، بشكل جزئي، على إظهار مدى الشر الكامن بالخاتم. حين نلتقي بيلبو مجددا، نجده قد سئم العالم الذي طالما أسعده كل السعادة؛ فتبدو الشاير صغيرة، ويبدو أصدقاؤه القدامى تافهين، واستقر على أن لا شيء سيجلب له السعادة سوى مغامرة أخرى. بعبارة أخرى، لقد صار يقدر ما حدث له أكثر من تقديره لخبرات عالمه الحالي وتجاربه.

الأمر الأكثر رهبة ما يجده في نفسه من عجز عن التخلي عن الخاتم، فيتشبث به مفضلا ذلك الشيء الذهبي على الحب الذي يشعر به تجاه جاندالف وفرودو، وفقط حين يدعوه عن غير عمد «خاتمي الثمين» - تلك الكلمة التي يضطر جاندالف لتذكيره بأنها كلمة جولوم في الأساس - يشعر بمدى انفصاله وابتعاده عن نفسه.

وما يزيد من تعقيد ذلك الموقف حقيقة أننا يفترض، بحسب تولكين، أن نفهم أن بيلبو هو المؤلف الأساسي لقصته. فعلى الرغم من أن «الهوبيت» تروى بصيغة الغائب، يبتكر تولكين تاريخا وقصة للنص نفسه، تبدأ بقيام بيلبو بكتابة معظم ما يصبح «الكتاب الأحمر للمسيرة في الغرب»، الذي يعد الأساس للنسخة النهائية التي بين أيدينا.

5

وكجزء من ذلك، نعلم أن بيلبو أيضا قد كتب العديد من الأغنيات من «الهوبيت» و«سيد الخواتم»، وأنه كاتب ناجح لدرجة أن أراجورن نفسه يتعاون معه في مؤلفاته.

وحين نلتقي به مرة أخرى في منزل إلروند في «رفقة الخاتم»، نجد بيلبو لم يعد مجرد شخص ذي إحساس رومانسي؛ بل محاكاة ساخرة لشاعر رومانسي فاشل استسلم للحزن والحنين للماضي. لقد استنزف بيلبو بمسألة تدوين ماضيه لدرجة أنه دائما ما يعتذر عن مشاركة الجن في مرحهم ولهوهم ليبقى وحيدا مع القلم والمخطوط. إنه يتغير بشكل جلي إلى الأسوأ على بعض المناحي نتيجة لتجاربه.

6 (2) بعض من يهيمون على وجوههم يضيعون، أو النضج أمر صعب

صفحه نامشخص