حکمت غرب
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
ژانرها
Seleucid
ومصر البطلمية، وعاشت في الإسكندرية جماعة يهودية كبيرة العدد، سرعان ما اصطبغت بالصبغة الهلينية في كل شيء ما عدا الدين، وهكذا كان من الضروري ترجمة الكتب العبرية المقدسة إلى اليونانية، مما أدى إلى ظهور الكتاب السبعيني
Septuagint ، الذي أطلق عليه هذا الاسم؛ لأن القصة تقول إن سبعين مترجما مستقلا قد أتوا بصيغ له متشابهة في كل شيء.
ولكن عندما حاول الملك أنتبوخ
Antiochus
الرابع صبغ اليهودية بالصبغة الهلينية بالقوة في النصف الأول من القرن الثاني ق.م. هبوا ثائرين تحت قيادة الإخوة المكابيين، وحاربوا باستبسال من أجل عبادة ربهم على طريقتهم الخاصة، وانتصروا في النهاية، وأصبحت أسرة المكابيين هي الحاكمة باعتبارها تضم كبار الكهنة، وتسمى مجموعة الحكام هذه باسم الأسرة الهسمونية
Hasmonean ، وقد ظلت تحكم حتى عصر هيرود
Herod .
ولقد كان نجاح مقاومة المكابيين هو أهم العوامل التي ضمنت بقاء العقيدة اليهودية في الوقت الذي أخذ فيه اليهود المشتتون يصطبغون بسرعة بالصبغة الهلينية، وهيأ بذلك الشروط التي ما كان من الممكن بدونها أن تظهر العقائد التالية، وكان هذا أيضا هو الوقت الذي ظهرت فيه عقيدة العالم الآخر في الديانة اليهودية؛ لأن أحداث الثورة أظهرت أن الكوارث، لا هذه الحياة الدنيا، كثيرا ما تحل بأفضل الناس، وخلال القرن الأول ق.م. أدى التأثير الهلينستي إلى تطوير حركة أخرى، إلى جانب العقيدة الرسمية، كانت أكثر اعتدالا، وكانت تعاليمها تمهد الطريق لعملية المراجعة الأخلاقية التي قام بها يسوع في الأناجيل، فحقيقة الأمر هي أن المسيحية الأولى كانت يهودية إصلاحية أو معدلة، تماما كما كانت البروتستانتية في البداية حركة إصلاح داخل الكنيسة.
وفي عهد مارك أنتوني ألغى حكم كبار الكهنة، وعين هيرود، الذي كان يهوديا اصطبغ تماما بالصبغة الهلينية، ملكا، وبعد وفاته في عام 4ق.م. أصبحت مملكة يهودا خاضعة مباشرة لحاكم روماني. غير أن اليهود لم يستسيغوا أباطرة الرومان الآلهة، وكذلك كان حال المسيحيين بالطبع، ومع ذلك فقد كان اليهود مختلفين عن المسيحيين الذين كانوا من حيث المبدأ على الأقل يؤمنون بفضيلة الخضوع والاستسلام، في أنهم كانوا عموما أكثر اعتدادا بأنفسهم وأشد ازدراء لغيرهم، وهم في ذلك يشبهون اليونانيين في العصور الكلاسيكية، وهكذا رفضوا بعناد أن يعترفوا بأي إله سوى إلههم الخاص. وتعد النصيحة التي وجهها يسوع إلى الناس بأن يعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، مثالا نموذجيا لهذا العناد اليهودي. فعلى الرغم من أنها كانت في ظاهرها حلا وسطا، فقد كانت مع ذلك رفضا للاعتراف بألوهية الإمبراطور. وفي عام 66 ميلادية، ثار اليهود على الرومان، وبعد حرب مريرة سقطت أورشليم عام 70م، وهدم المعبد للمرة الثانية. وقد احتفظ المؤرخ اليهودي الهلينستي «يوسفوس»
صفحه نامشخص