وقال بشار:
والدر يترك من غلائه
ونحن نعوذ بالله من المطامع الدنية، والهمة القصيرة، ومن ابتذال الحرية، فإن نفسي والله أبية، ما سقطت وراء همة، ولا خذلها ناصر عند نازلة، ولا استرقها طمع، ولا طبعت على طبع. وقد رأيتك وليت عرضك من لا يصونه، ووكلت ببابك من يشينه، وجعلت ترجمان كرمك من يكثر من أعدائك، وينقص من أوليائك، ويسيء العبارة عن معروفك، ويوجه وفود الذم إليك، ويضغن قلوب إخوانك عليه؛ إذ كان لا يعرف لشريف قدرا، ولا لصديق منزلة، ويزيل المراتب عن جهاتها ودرجاتها، فيحط العلي إلى مرتبة الوضيع، ويرفع الدني إلى مرتبة الرفيع، ويقبل الرشى، ويقدم على الهوى. وذلك إليك منسوب، وبرأسك معصوب، يلزمك ذنبه، ويحل عليك تقصيره.
وقد أنشدني أبو علي البصير:
كم من فتى تحمد أخلاقه
وتسكن الأحرار في ذمته
قد كثر الحاجب أعداءه
وأحقد الناس على نعمته
وأنشدت لبعضهم:
يدل على سرو الفتى واحتماله
إذا كان سهلا دونه إذن حاجبه
وقد قيل ما البواب إلا كربه
إذا كان سهلا كان سهلا كصاحبه
وقال الطائي:
حشم الصديق عيونهم بحاثة
لصديقه عن صدقه ونفاقه
فلينظرن المرء من غلمانه
فهم خلائفه على أخلاقه
وقال آخر:
اعرف مكانك من أخي
ك ومن صديقك بالحشم
صفحه ۵۷۵