قوله: * (لابد لكل علم أن يكون باحثا... الخ) * لما جرت الطريقة على بيان أجزاء العلم في المقدمة أراد المصنف (رحمه الله) الإشارة إلى ذلك. وأجزاء العلوم على ما ذكروها ثلاثة: المسائل والموضوع والمبادئ، كما سيجئ تفصيل الكلام فيها.
فإن قلت: إن أسامي العلوم إنما وضعت لنفس المسائل أو العلم بها، فكيف يجعل المسائل أحد أجزاء العلوم ويدرج الموضوع والمبادئ في أجزائها مع خروجها عن نفس المسائل والعلم بها؟
قلت: المراد بالعلم في المقام هو الفن الموضوع المشتمل على إثبات المطالب النظرية المطلوب تحصيلها في الفن، ومن البين أن الفنون الموضوعة لا يقتصر فيها على ذكر المطالب مجردة عن الدلائل، إذ لا فائدة يعتد بها في ذلك، فاندرجت المقدمات التي يستدل بها على تلك المطالب في تلك الفنون والصناعات، وكذا غيرها مما يتوقف عليه التصديق بمسائلها مما يذكر في الفن، فصارت أجزاء من الفن وإن كانت خارجة عن المسائل، فظهر أن المراد بالعلوم في المقام غير ما وضعت تلك الأسامي بإزائها، فهو إطلاق آخر مغاير لما ذكر.
قوله: * (وتسمى تلك الأمور مسائله... الخ) * حكى المحقق الدواني في حواشيه على المطالع عن القيل تفسير المسائل بالمحمولات المثبتة بالدليل، ولذا احتمل بعض الأفاضل تفسيرها بالمحمولات المنسوبة إلى الموضوعات، وهو يوافق ما ذكره المصنف (رحمه الله).
وأنت خبير بأن المحمولات المنسوبة إلى موضوعاتها أمور تصورية لا يتعلق بها التصديق الذي يقصد من النظر في العلم، بل هي من شرائط حصول التصديق كما أن تصور الموضوعات كذلك.
فالحق أن مسائل العلوم: هي المطالب التصديقية المثبتة فيها، وهي المحمولات التصديقية التي يراد من وضع الفن حصول التصديق بها، فمسائل الفن
صفحه ۱۰۶