هدایت گمراهان در پاسخ به یهودیان و مسیحیان
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
ویرایشگر
محمد أحمد الحاج
ناشر
دار القلم- دار الشامية
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
محل انتشار
جدة - السعودية
ژانرها
عقاید و مذاهب
وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيرَةَ النَّبِيِّ ﷺ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا عَلَى دِينِهِ قَطُّ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَاتَلَ مَنْ قَاتَلَهُ، وَأَمَّا مَنْ هَادَنَهُ فَلَمْ يُقَاتِلْهُ مَا دَامَ مُقِيمًا عَلَى هُدْنَتِهِ، لَمْ يَنْقُضْ عَهْدَهُ، بَلْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ مَا اسْتَقَامُوا لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَالَحَ الْيَهُودَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، فَلَمَّا حَارَبُوهُ وَنَقَضُوا عَهْدَهُ وَبَدَءُوهُ بِالْقِتَالِ قَاتَلَهُمْ، فَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَأَجْلَى بَعْضَهُمْ، وَقَاتَلَ بَعْضَهُمْ. وَكَذَلِكَ لَمَّا هَادَنَ قُرَيْشًا عَشْرَ سِنِينَ لَمْ يَبْدَأْهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّى بَدَءُوا هُمْ بِقِتَالِهِ وَنَقْضِ عَهْدِهِ، فَحِينَئِذٍ غَزَاهُمْ فِي دِيَارِهِمْ، وَكَانُوا هُمْ يَغْزُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا قَصَدُوهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَيَوْمَ بَدْرٍ أَيْضًا هُمْ جَاءُوا لِقِتَالِهِ وَلَوِ انْصَرَفُوا عَنْهُ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُكْرِهْ أَحَدًا عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِهِ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِهِ اخْتِيَارًا وَطَوْعًا، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ دَخَلُوا فِي دَعْوَتِهِ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْيَمَنِ كَانُوا عَلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَكْثَرُهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ وَلَا رَهْبَةٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، وَهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ مَذْكُورُونَ فِي كُتُبِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي، لَمْ يُسْلِمُوا رَغْبَةً فِي الدُّنْيَا وَلَا رَهْبَةً مِنَ السَّيْفِ، بَلْ أَسْلَمُوا فِي حَالِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ، وَمُحَارَبَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَهُمْ
1 / 238