114

هدایت گمراهان در پاسخ به یهودیان و مسیحیان

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

پژوهشگر

محمد أحمد الحاج

ناشر

دار القلم- دار الشامية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

محل انتشار

جدة - السعودية

وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵁ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ
قَالَ: مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ لَوْ أَخْبَرْتُكَ بِهَا لَكَفَرْتَ.... يَعْنِي لَوْ أَخْبَرْتُكَ بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْتَ بِهَا، وَكُفْرُكَ بِهَا تَكْذِيبُكَ بِهَا.
فَقَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فِي هَذَا.
وَلِهَذَا لَيْسَ فِي الْإِنْجِيلِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِ مَلَكُوتِهِ، وَصِفَاتِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ لَيْسَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، مَعَ أَنَّ مُوسَى ﵊ كَانَ قَدْ مَهَّدَ لِأَمْرِ الْمَسِيحِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ قَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ فَذَاكَ الَّذِي يُرْشِدُكُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَيُخْبِرُكُمْ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَبِجَمِيعِ مَا لِلرَّبِّ.
فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْفَارَقْلِيطَ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا دُونَ الْمَسِيحِ، وَكَذَلِكَ كَانَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ أَرْشَدَ النَّاسَ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ، وَلِهَذَا كَانَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ، وَأَخْبَرَ مُحَمَّدٌ ﷺ بِكُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالصِّرَاطِ وَوَزْنِ الْأَعْمَالِ، وَالْجَنَّةِ وَأَنْوَاعِ نَعِيمِهَا، وَالنَّارِ وَأَنْوَاعِ عَذَابِهَا، وَلِهَذَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ تَفْصِيلُ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَهُوَ يَأْتِي بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا تُوجَدُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَذَلِكَ تَصْدِيقُ قَوْلِ الْمَسِيحِ ﵊ أَنَّهُ يُخْبَرُ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ صِدْقَ الْمَسِيحِ وَصِدْقَ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ

1 / 330